للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصهاينة، فهي ليست استمراراً لتقاليد معاداة اليهود السابقة. واختلافها الوحيد عن عمليات الإبادة الكولونيالية المشابهة أنها تمت جغرافياً داخل أوربا.

ومن الضروري أن تُدرَس العمليات الفكرية والذهنية التي يتعامل المعادون لليهود من خلالها مع الواقع الإنساني المركب. ويمكن القول بأن الفكر العنصري عامة، بما في ذلك فكر معاداة اليهود، فكر اختزالي ينحو نحو تجريد الضحية من خصائصها الإنسانية المركبة والمتعينة بوصفها كياناً إنسانياً له سلبياته وإيجابياته حتى تتحول إلى شيء مجرد يجسد سمة أو جوهراً معيَّناً. وقد يلجأ العنصري إلى اختلاق الحقائق والأكاذيب، ولكن هذا أمر نادر إذ أن الفكر العنصري، خصوصاً في عصر العلم، يحاول أن يُقدم قرائن وحججاً على صدق مقولاته يستخلصها من الواقع، من خلال عمليات فكرية تنحو نحو التجريد والتبسيط والتسطيح والاختزال، مثل:

١ ـ التركيز على عنصر من الواقع دون غيره، كأن يركز العنصري على إحدى سلبيات بعض أعضاء الجماعات اليهودية (كاشتغالهم بتجارة الرقيق الأبيض) وعزلهم عن إيجابياتهم (الحرب الشرسة من جانب الجماعات اليهودية ضد هذه التجارة) .

٢ ـ تعميم ما يرتكبه بعض أعضاء الجماعات اليهودية من جرائم أو أخطاء على كل أعضاء الجماعات اليهودية، ثم التركيز بعد ذلك على ما يُسمَّى «الشخصية اليهودية» بكل ما تتسم به من شرور وعنف مزعومين.

٣ ـ فصل أعضاء الجماعات اليهودية عن سياقهم الاجتماعي والحضاري الذي قد يفسر سلوكهم السلبي، عدم الربط بين الجماعات اليهودية وغيرها من الجماعات البشرية التي قد تشترك معها في الصفات السلبية نفسها، وذلك بهدف خلع صفة الإطلاق على صفات اليهود حتى تكتسب بعداً نهائياً وتبدو كأنها مقصورة عليهم دون سواهم من البشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>