للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثيراً ما تنعكس هذه العمليات الفكرية في أساطير وصور إدراكية ثابتة تنسب إلى اليهود خصائص سلبية ثابتة. كما أن وجود مثل هذه الأساطير والصور يبلور الأفكار العنصرية الكامنة ثم يساعدها على التحقق. ويمكن أن تكون هذه الأنماط الثابتة متناقضة؛ كأن يتبع فريق داخل المجتمع نمطاً معيَّناً ويتبع فريق آخر نمطاً آخر يناقض النمط الأول، مثل نمطي اليهودي الجبان الذي يخاف من أي شيء واليهودي العدواني الذي لا يخشى شيئاً. وقد اتضحت هذه الظاهرة في العصر الحديث في الغرب، فاليهودي هو من كبار المموِّلين وهو أيضاً المتسول، وهو رمز الجيتوية والتخلف الديني والانفتاح المخيف والعلمانية المتطرفة، وهو رمز الرجعية والثورة والإقطاعية والليبرالية. فإذا كان كارل ماركس يهودياً وكان روتشيلد يهودياً ومائير كاهانا يهودياً ومارلين مونرو يهودية، وكذلك فرويد وأينشتاين ونعوم تشومسكي، فلابد أن هناك ما يجمع بينهم. وحينما يفشل الدارس في العثور على هذا العنصر، فإنه يكمله من عنده ويفترض وجود مؤامرة خفية تجمع بينهم وأنهم ولا شك يحرصون على إخفائها. ولكن التناقض، على كلٍّ، أمر لا يضايق العنصريين بتاتاً، فالإنسان العنصري إنسان غير عقلاني (فهو مرجعية ذاته) لا يقبل الاحتكام إلى أية قيم أخلاقية تتجاوزه وتتجاوز الآخر، فهو يؤمن بشكل قاطع بأن تميزه أمر لصيق بكيانه وكامن فيه تماماً مثل تَدنِّي الآخر، وبالتالي فإن العنصري يبحث دائماً عن قرائن في الواقع ينقض عليها كالحيوان المفترس أو الطائر الجارح فيلتقطها ويعممها ليبرر حقده. بل ويمكن أن يُوظِّف هذا التناقض ذاته بين الصور الإدراكية بحيث يشير إلى مدى خطورة المؤامرة اليهودية العالمية الأخطبوطية التي تسيطر على سائر مجالات الحياة، وتسيطر على اليمين واليسار، وعلى الشمال والجنوب والشرق والغرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>