للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصفاته ومن ثم فهو غير مسئول عنها، ومن هنا فإن شخصيته وهويته في جسده لا في وضعه الاجتماعي. ولذا، يمكننا القول بأن النظريات البيولوجية التي تحاول تعريف الإنسان في كليته على أساس بيولوجي مادي تخلق قابلية داخل المجتمع للعنصرية والعداء لليهودية، إذ تصبح الصفات السلبية لليهودي شيئاً حتمياً لصيقاً بجوهره. وتجب الإشارة إلى أن الإيمان بالحتمية المادية ليس مقصوراً على النظريات البيولوجية بل هو كامن في كثير من الأنساق المعرفية التي سادت أوربا في القرن التاسع عشر. بل إن بعض المفكرين المسيحيين يذهبون إلى أن المصدر الأساسي، بل والنهائي، لمعاداة اليهود ليس المسيحية، كما قد يتبادر إلى الذهن، وإنما العداء للمسيحية وللدين بشكل عام، إذ أن مثل هذا العداء يحوِّل الآخر إلى شيء ويُنكر عليه إنسانيته ولا يفتح أمامه أبواب الخلاص (وقد لا يكون من قبيل الصدفة أن العنوان الفرعي لكتاب ويلهلم مار انتصار اليهودية على الألمانية هو: من منظور غير ديني) . كما أن الحركة النازية، وهي الحركة التي بلورت معاداة اليهودية وأضفت عليها منهجية وشمولاً، كانت تعادي الكنائس كلها وأرسلت بالعشرات من رجال الدين المسيحيين إلى أفران الغاز وكانت تُحرِّم على أعضاء فرق الإس إس الخاصة الانضمام إلى أية كنائس مسيحية باستثناء الكنيسة القومية التي أسسها النازيون أنفسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>