وقد ازدادت معاداة اليهود في بعض المناطق، مثل الإسكندرية، لأن أعضاء الجماعة اليهودية الذين كانوا يشكلون جماعة وظيفية وسيطة رحبوا بالغزو الروماني بل وقدَّموا له يد المساعدة. وقد نتج عن الغزو الروماني أن النخبة الهيلينية فقدت موقعها المتميِّز في المجتمع، الأمر الذي جعلها تلقي باللوم على أعضاء الجماعة اليهودية. ولذا، ظهرت مجموعة من الكتاب الهيلينيين في القرن الأول الميلادي، مثل: خايريمون (أستاذ نيرون) ، وليسيماخوس (أمين عام مكتبة الإسكندرية) ، وآبيون (الخطيب اليوناني) يعادون اليهود. وقد ألَّف آبيون كتاباً من خمسة فصول عن تاريخ مصر يضم جزءاً عن اليهود، أورد فيه بعض الآراء السائدة عن اليهود في العالم القديم، من قبيل أنهم شعب بدوي متجول، وأنهم نُفوا من مصر لأنهم كانوا مجموعة من المصابين بالبرص الذين دنسوا المعابد المصرية وكان لابد من التخلص منهم، وقد فُسِّرت واقعة الخروج أو الهجرة من مصر على هذا الأساس. كما يورد آبيون أن العبرانيين كانوا موالين للملوك الرعاة (الهكسوس) الذين أذلوا المصريين، ومن ثم تم طردهم عقب طرد الهكسوس، فالتجأوا إلى أرض كنعان واحتلوها. وفي واقع الأمر، فإن هذه الأقاويل تهدف جميعاً إلى تقويض فكرة العلاقة الخاصة بين اليهود وفلسطين، والشرعية التي تتأسس على مثل هذه العلاقة. وقد أضاف آبيون تهماً أخرى، مثل أن اليهودية تُعلِّم اليهود كره الجنس البشري والعزلة عنه، وأنهم يذبحون فرداً غير يهودي كل عام ويذوقون أمعاءه، وأنهم يعبدون الحمار.