للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وموقف هيجل من اليهودية يدل على عدم معرفته باليهودية التلمودية والقبَّالية، التي يتم فيها الاتحاد الكامل بين الخالق والمخلوق، والتي لا تختلف كثيراً عن القبَّالاه المسيحية والتصوف الحلولي المسيحي التي تأثر بها هيجل (من خلال أعمال جيكوب بومه وأوتينجر) . وهذه الرؤية أثرت في كتابات فيبر من بعده (وأثرت كذلك في الموقف المسيحي الغربي من الإسلام، إذ قُرنت اليهودية بالإسلام) . وقد أثر هيجل بشكل عميق في كثير من المفكرين اليهود مثل سمسون هيرش وصمويل هيرش وموسى هس وهنريسن جرايتس. وثمة مكون هيجلي قوي في الفكر الصهيوني، خصوصاً التصور الصهيوني للتاريخ.

ولا شك في أن هذا الوصف لليهودية لا يخلق جواً من التعاطف مع أتباع هذه العقيدة. ولكن فكر معاداة الاستنارة (الرومانسي) كان يشكل أساساً قوياً لمعاداة اليهود في جانب آخر من جوانبه. فهو فكر يرفض فكرة الإنسان الطبيعي العام ويؤكد الخصوصية. ويرى أن لكل أمة عبقرية خاصة وسمات أزلية يحملها من ينتمي إلى هذه الأمة عن طريق الوراثة والتنشئة، وهو ما سميناه بفكرة «الشعب العضوي» التي تبدَّت في تأكيد خصوصية اليهود كشعب عضوي منفصل عن غيره من الشعوب (وهذه علمنة لفكرة الشعب الشاهد) ، فهو شعب ذو خصائص ثقافية واقتصادية ودينية فريدة وله علاقته العضوية بأرضه. ومن ثم، تنشأ فكرة ضرورة استرجاع اليهود إلى أرضهم (فلسطين) كي يحققوا الوحدة العضوية المطلوبة ويحققوا هويتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>