ويُلاحَظ أن هذه الرؤية يكسوها سطح مصقول من حب اليهود والتحيز لهم، ولكنها تُضمر تضمينات معادية لهم أو تفترض أنهم شعب عضوي سامي آسيوي لا ينتمي إلى التشكيلات العضوية الآرية في الغرب، وأنه لو مكث داخل هذه التشكيلات لأصبح عنصراً مرضياً مخرباً مصاباً بازدواج الولاء، وبالتالي لا يمكن دمجه في المجتمعات التي يوجد فيها ولابد من طرده، وهو ما سميناه «الشعب العضوي المنبوذ» . وقد تبنَّى دعاة النظريات العرْقية والقومية العضوية الرأي القائل بأن الصراع الحقيقي والحتمي هو الصراع بين الأجناس والقوميات المختلفة وليس الصراع بين الطبقات والفئات المختلفة داخل التشكيل القومي الواحد. ومن ثم، أصبح اليهود، كشعب عضوي منبوذ، عنصراً مهماً، إذ أن الجماعة العضوية تحتاج إلى جماعة عضوية أخرى تكون بمنزلة الأداة حتى تحدد هويتها من خلال رفضها لها. كما أن اليهودي المندمج الذي يتقمص شخصية غير شخصيته، على نحو ما يتصور دعاة الفكر القومي العضوي، يقف بتفككه وفقدانه هويته شاهداً على تماسك الأمم العضوية.
وهكذا، نجد أن التيارين الأساسيين في الحضارة الغربية الحديثة ينطويان على قدر كبير من العداء لليهود: يتمثل الأول في دعوة اليهود إلى الاندماج بعد أن يفقدوا كل خصوصية وتميُّز، أما الثاني فيقرر ابتداءً أنهم لا يمكنهم الاندماج. ورغم اختلاف التيارين ظاهرياً، فإنهما يتفقان على رفض اليهودي.