للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يدير الدويلة/الجيتو «سلطة يهودية» أو «مجلس كبراء» ، تُعيِّن السلطات النازية أعضاءه. ولكن استقلالية الدويلة/الجيتو لم تكن كاملة، إذ كان الجيتو يقوم باستيراد كل المواد الخام والطعام والملابس التي يحتاجها من سلطة الاحتلال النازية على أن يسدد ثمن الواردات بالمنتجات الصناعية (الملابس والمصنوعات الجلدية) التي كان ينتجها الجيتو. كما كان على المجلس أن يقدم عدداً من العمال يومياً يبيعون عملهم لتسديد واردات الجيتو. وكان العامل البولندي، يهودياً كان أم غير يهودي، يتقاضى ربع ما يتقاضاه العامل الألماني.

ولا ندري هل وضع النازيون مخططاً لإبادة يهود جيتو وارسو (بالمعنى الخاص للكلمة، أي بمعنى التصفية الجسدية) من خلال فرض وضع اقتصادي غير متكافئ عليهم بحيث يمكن استنزافهم لصالح النازيين، أم أن عملية الإبادة تمت كنتيجة حتمية، ليست بالضرورة متعمدة، للبنية الاستغلالية التي فرضها النازيون؟ فقيمة السلع التي كان ينتجها الجيتو والخدمات التي يقدِّمها كانت دائماً دون حد الكفاف ولا تفي بالاحتياجات المادية الأساسية للعاملين اليهود الأساسيين، الأمر الذي كان يعني سوء التغذية داخل الجيتو وتناقص عدد سكانه مع ضمان تدفق فائض القيمة بشكل مستمر إلى النازيين. وقد أدَّى عدم تكافؤ العلاقة بين الدولة النازية والدويلة/الجيتو اليهودية إلى أن السكان زادوا فقراً وزادت حاجتهم إلى المواد الغذائية، فكانوا يموتون جوعاً ويهلكون بالتدريج وببطء دون أفران غاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>