ومن أهم العناصر التي ساهمت في فك قبضة الأفكار الدينية التقليدية يهود المارانو الذين كان يُشار إلى قطاعات منهم بأنهم «السفارد» أو «اليهود البرتغاليون» أو «المسيحيون الجدد» . وقد أسس المارانو مراكز اقتصادية متميِّزة في أوربا، مثل: بوردو وبايون وأمستردام وهامبورج ولندن. وحسب بعض النظريات، كان المارانو مسيحيين في الظاهر يهوداً في الباطن. ولكنهم، حسب بعض النظريات الأخرى، كانوا مسيحيين ظاهراً وباطناً، أي جزءاً عضوياً من التشكيل الحضاري الغربي. ولكنهم، مع هذا، ولأسباب مختلفة، تهودوا واندمجوا في الجماعة اليهودية بعد خروجهم من شبه جزيرة أيبريا. ولذا، فقد كانوا حَمَلة الحضارة الغربية داخل الجماعة اليهودية، عن وعي أو عن غير وعي، ينشرون قيمها بينهم. كما أن بعضهم ممن كان يبطن اليهودية، يحمل في وجدانه صورة مثالية لليهودية ارتطمت بالواقع كما حدث لأروييل داكوستا وإسبينوزا، وهو ما جعلهم عناصر ثورية داخل الجماعة اليهودية تبشر بالعقل (المادي) وبالقيم المجردة. وإلى جانب كل هذا، كانوا، نتيجة التعددية التي مارسوها، من حملة لواء الشك الديني. وقد تزامن خروج المارانو مع تعمُّق أزمة اليهودية الحاخامية إذ كانوا عنصر هدم أساسياً لها، فهم الذين ساندوا شبتاي تسفي، ومن بين صفوفهم خرج إسبينوزا.