وقد ترك الميراث الاقتصادي لليهود أثره في العمال من أعضاء الجماعات اليهودية. فيُلاحَظ تركُّزهم في صناعات بعينها دون غيرها مثل صناعة الملابس والخياطة. وهذا يعود في الواقع إلى اشتغال اليهود بالربا وأعمال الرهونات. وكان من أكثر أعمال الرهونات الملابس المستعملة التي كان اليهودي يُعيد ترقيعها وبيعها. كما أن عدم كفاءة العمال اليهود، بسبب انخراطهم المتأخر في سلك الطبقة العاملة، ساهم في توجيههم نحو صناعات بعينها دون غيرها. وتتسم الصناعات التي تركَّز فيها اليهود بصغر حجمها وقربها من المراحل النهائية للإنتاج مثل إنتاج السلع المُصنَّعة أو نصف المُصنَّعة مقابل إنتاج وسائل الإنتاج، وهي صناعات لا تتطلب كفاءات عالية، بل تستند أحياناً إلى الصناعات المنزلية.
وتدل إحصاءات عام ١٨٩٧ في روسيا على صدق هذا القول، إذ بلغ عدد العمال اليهود الذين تركزوا في النشاطات الصناعية الأساسية أو الأولية، مثل سبك المعادن، نحو ٧.٧%. أما في صناعات المرحلة الوسطى أو المرحلة الثانية، مثل صناعات المعادن والنسيج والبناء، فقد بلغت نسبتهم ١٩,٧%، وبلغت نسبة العاملين في صناعات المرحلة النهائية أو صناعات المرحلة الثالثة، مثل الأطعمة والمشروبات والتبغ والملابس، نحو ٤٥,٥%.