وغني عن الذكر أن الثقافات اليهودية المحلية الأخرى قد اختفت هي الأخرى. فاللادينو (الرطانة التي يتحدث بها السفارد) اختفت تماماً، كما أن أية جيوب ثقافية أخرى انتهت بتصفية الجماعات اليهودية في الهند وإثيوبيا وفي كل أرجاء العالم العربي الإسلامي. ولا شك في أن الحركة الصهيونية حاربت بلا هوادة، قبل بعد إنشاء الدولة، ضد اليديشية (الوعاء الأساسي لثقافة يهود شرق أوربا) في مختلف أنحاء العالم وضد كل لهجات وثقافات الجماعات اليهودية. ولكن الإنصاف يتطلب منا أن نقرر أنه رغم شراسة الهجمة الصهيونية ضد الثقافة اليديشية وغيرها من الثقافات اليهودية المحلية، ورغم أن هذه الهجمة ساهمت ولا شك في سرعة ضمور واختفاء هذه الثقافة، إلا أن ظاهرة الاختفاء ذاتها لا يمكن تفسيرها إلا على أساس حركيات المجتمعات الحديثة التي يعيش أعضاء الجماعات اليهودية في كنفها، وهي حركيات تقضي على مختلف الخصوصيات الدينية والإثنية، أو على الأقل تهِّمشها.