ورغم الحديث عن التفاف يهود فرنسا حول المُثُل الصهيونية، ورغم حديث يهود المغرب العربي عن الدولة الصهيونية باعتبارها تحقيقاً لنبوءة الأنبياء، إلى آخر هذه الديباجات الدينية، فإن ثمة انصرافاً فعلياً عن الصهيونية يناقض حماس اللفظ والتهاب القول. ولعل أكبر دليل على انصراف يهود فرنسا عن الصهيونية هو هذا الوجود الملحوظ ليهود المغرب العربي في فرنسا إذ فضلوها على الدولة الصهيونية. وقد لاحظ بن جوريون أن صهيونية يهود الولايات المتحدة عالية الصوت إنما هي تعبير عن تَزايُد اندماجهم الفعلي ونفس القول ينطبق على صهيونية يهود فرنسا. وعلق أحد المثقفين الفرنسيين على إيمان يهود المغرب بإسرائيل، باعتبارها تحقيقاً للنبوءات المشيحانية، بقوله: إن هذا الإيمان يجعل التعلق الرومانسي بإسرائيل بديلاً للصهيونية (الاستيطانية) بما تتطلبه من هجرة واليهودية بما تتطلبه من ضبط للنفس وطاعة للقانون. وشبَّه أحد المثقفين الفرنسيين موقف يهود فرنسا من الهجرة بأنهم مثل أعضاء فرق الإنشاد العسكرية التي ينشد أعضاؤها «تقدموا ... تقدموا» مع أنهم واقفون لا يتحركون خطوة واحدة أبداً.