للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواقع أن ظهور الصهيونية التوطينية الخالية من المضمون القومي الاستيطاني يفسر ظاهرة كثرة التظاهرات الصهيونية للدفاع عن «حق» اليهود السوفييت وكذا «حقوق» يهود الفلاشاه ويهود سوريا في الهجرة. ومع ذلك، لا يذهب أحد من هؤلاء المتظاهرين إلى إسرائيل للاستيطان إذ يكتفي بإظهار حماسه الزائد ولا يتحدث أحد أبداً عن «واجب» الهجرة. وقد ورد في إحدى الإحصاءات أن ٨١% من الأمريكيين اليهود يرون أن التفكير بجدية في الاستيطان في إسرائيل ليس ضرورياً. ولكن ٨٣% منهم صرح بأن دمار إسرائيل سيمثل مأساة شخصية بالنسبة لهم جميعاً! ولذلك لا تزال معدلات الهجرة من الولايات المتحدة متدنية، ففي عام ١٩٧٠ هاجر ٧.٦٥٨، وفي عام ١٩٧٥ هاجر ٢٩٦٤، ولم يهاجر سوى ثلاثة آلاف عام ١٩٧٩. ومن قبيل المفارقات المضحكة أن عدد المهاجرين يتناسب تناسباً عكسياً مع الحماس الصهيوني، فكلما زاد الحماس الصهيوني، ومن ثم زادت التظاهرات، نقص عدد المهاجرين. ويبلغ مجموع الأمريكيين اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل منذ تأسيسها خمسين ألفاً على مدى أربعين عاماً، أي بمعدل ١٢٥٠ يهودياً لكل عام. والواقع أن الصهيونية حلت مشكلة الهوية بالنسبة ليهود الولايات المتحدة بأن اعتبرت الدولة الصهيونية وطنهم الأصلي، ولكنها من ناحية أخرى زادتها تفاقماً إذ كيف يستطيع الأمريكيون اليهود أن يركِّزوا حياتهم الدينية كلياً على أرض لا يعيشون فيها بل لا ينوون الهجرة إليها؟ ومن هنا، فإن تعريف اليهودي الأمريكي أصبح هو: اليهودي الذي يحلم دوماً بالهجرة إلى صهيون دون أن تكون لديه أية نية في أن يفعل ذلك!

<<  <  ج: ص:  >  >>