للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالمثل، لا تُعتبَر اللحظة الصهيونية انحرافاً عن الفكر العلماني الشامل الإمبريالي، بل تمثل تبلوراً حاداً له. فانطلاقاً من الطبيعة/المادة باعتبارها المرجعية النهائية المادية ومن إرادة القوة وأخلاق الغاب (باعتبارها المرجعية الأخلاقية المادية) نظرت الصهيونية إلى فلسطين باعتبارها أرضاً بلا شعب (أي أنها استبعدت العنصر الإنساني منها) وحوَّلت كل شيء إلى مادة: فأصبحت فلسطين أرضاً تُستغَل، وأصبح الفلسطينيون أنفسهم مادة بشرية تُنقل وتُباد وتُستغَل، وأصبح اليهود أيضاً مادة بشرية يتم تخليص أوربا منها عن طريق نقلها. ولحظة تَبلور النموذج العلماني هي عادةً ـ كما أسلفنا ـ لحظة ترانسفير، حيث يصبح كل شيء قابلاً للاستعمال والنقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>