للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَبْر هذا النسق من القيم السياسية الفردية، يتميَّز أيُّ نسق من القيم عن أنساق القيم الأخرى تميُّزاً لا يتحدد بالضرورة بهذه القيم كمفردات، بل يتحدد بالعلاقة فيما بينها في نسق القيم الذي يجمعها. فنسق القيم الشيوعي، في رفضه نسق القيم الغربي الليبرالي، لا يرفض مفردات قيمه السياسية الفردية، من حرية ومساواة وعدالة، ولكنه في الأساس يرفض أولوية قيمة الحرية على المساواة والعدالة؛ ويتبنَّى المساواة كقيمة سياسية عليا في نسق قيمه، جاعلاً لها الأولوية على الحرية مثلاً، منطلقاً في ذلك من فهم الشيوعية للعلاقة بين الظاهرة السياسية والظاهرة الاقتصادية، التي تعتبر مفهوم "الكفاف الاقتصادي" أساساً للديموقراطية السياسية. بل تمضي أبعد من ذلك لتعتبر أن تحقُّق "العدالة" مرهون بتحقُّق المساواة الفعلية في الأوضاع الاقتصادية.

ولكن الأمر جدُّ مختلف بالنسبة للصهيونية إذ نجد أنفسنا أمام إطار من القيم تتداخل فيه أنساق من القيم، وليس مجرد مفردات من القيم. وهي بطبيعتها أنساق مختلفة، غير منسجمة مع بعضها البعض. وهو ما يجعل محاولة تبيُّن سمات نسق قيم الصهيونية عملية صعبة، بل قد تكون غير ممكنة، ما لم نلحظ السمة التلفيقية فيها بين أنساق من القيم وليس بين مفردات.

<<  <  ج: ص:  >  >>