تنبع الإستراتيجية الإسرائيلية من الصيغة الصهيونية الشاملة (شعب عضوي منبوذ لا نفع له، يتم نقله خارج أوربا ليتحوَّل إلى عنصر نافع يقوم على خدمة المصالح الغربية في إطار الدولة الوظيفية، نظير أن تقوم الدول الغربية بدعمه وضمان بقائه واستمراره) . ويتطلب تطبيق هذه الصيغة عمليتي نَقْل سكاني: نَقْل بعض أعضاء الجماعات اليهودية من المنفى إلى فلسطين، ونَقْل العرب من فلسطين إلى أي منفى.
وتترجم هذه الصيغة نفسها على مستوى الإستراتيجية إلى رؤية للذات (الوافد المستوطن) ورؤية للآخر (السكان الأصليين) وطبيعة العلاقة بينهما وكيفية حسم الصراع. فعلى مستوى الذات تنبع الرؤية الإستراتيجية الصهيونية/الإسرائيلية من الإيمان بأن اليهود شعب واحد، وأن المستوطنين الصهاينة هم طليعة هذا الشعب، وأن مركزه هو الدولة الصهيونية في فلسطين المحتلة.
هذه الدولة ستُنصِّب نفسها الحامية والراعية للشعب اليهودي بأسره أينما كان، وهي ملجأ لهذا الشعب حينما يضيق عليه الخناق. ولكن الشعب اليهودي في المنفى هو مجرد هامش وجزء، فالكل والمركز هو المستوطن الصهيوني والمستوطنون الصهاينة فهم الذين سيقومون بتخليص "الأرض القومية" من السكان الأصليين، ولابد أن تتم تنشئة أبنائهم تنشئة قومية صارمة تستند إلى وعي عميق بالمشروع الصهيوني، وبذلك تتبلور شخصيتهم القومية، ويتخلَّصون من أدران المنفى ومن طفيلية الشخصية اليهودية الجيتوية، ويحققون قدراً كبيراً من التماسك الحضاري والعرْقي، ويحافظون على سيادتهم كشعب يهودي مستقل.