للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولابد من تقسيم المنطقة على أساس طوائف وأجناس وأصول قومية ومذاهب، أي إعادة صياغة المنطقة باعتبارها فسيفساء من أقليات إثنية ودينية يستمر بينها قدر من الصراع المعقول الذى يمكن التحكم فيه من قبل النظام العالمي الجديد (وصهيونية ما بعد الحداثة) الذى لا يقبل الفوضى الشاملة، إذ لابد أن يستمر البيع والشراء والإنتاج والاستهلاك.

وثمة كتاب يتداوله أعضاء النخبة العسكرية في الولايات المتحدة يُسمَّى تحوُّل الحرب كتبه المؤرخ العسكري الإسرائيلي فان كريفيلد (الجامعة العبرية) . والموضوع الأساسي في الكتاب هو أن النقطة المرجعية لفهم الحروب في المستقبل هي حرب الثلاثين عاماً في القرن السابع عشر في أوربا، وحرب المائة عام قبلها، وهي حروب لم تتم بين دول قومية مستقلة وإنما بين ملوك ونبلاء إقطاعيين، وهو هنا يطالب بمفهوم للحرب يسبق توقيع معاهدة وستفاليا (١٦٤٩) التي أنهت حرب الثلاثين عاماً. ويرى فان كريفيلد أن مفهوم كلاوزفيتز للحرب لم يَعُد صالحاً كإطار نتحرك من خلاله، فهو مفهوم نابع من الصراع بين الدول القومية ذات السيادة ويستند إلى مبدأ أن الحرب استمرار للسياسة بطرق أخرى. ويذهب فان كريفيلد إلى أن عصر الحروب الكبيرة بين الدول قد انتهى، فالحروب المقبلة ستكون "داخل" الدول وليس "بينها"، ولن تكون الحروب بين جيوش نظامية بالمعنى المعروف لدينا، وإنما بين مجموعات مختلفة من الجماعات المسلحة، ومن ثم فإن الفارق بين الجندي المنظم والجندي المرتزق وعضو المافيا أو المليشيا سيختفي، إذ ستظهر مجموعات عسكرية مختلفة تمثل القبائل والجماعات الإثنية والانتماءات الدينية والمصالح الاقتصادية (الشرعية أو الإجرامية) ، أي أن الحروب في المستقبل ستكون مثل الحروب في العصور الوسطى في المجتمعات البدائية. ولعل ما يعبِّر عنه فان كريفيلد ليس نبوءة بمقدار ما هو أمنية، ولعل ما حدث في لبنان هو تنفيذ لهذه النبوءة/المخطط. والعراق أيضاً نموذج

<<  <  ج: ص:  >  >>