جيد، فقد قُسِّم ولم يُقسَّم في الوقت نفسه، فهناك أكراد فى الشمال تُغير عليهم القوات التركية وتدعمهم قوى التحالف ويضربون بعضهم بعضاً، وهناك شيعة فى الجنوب يثورون وينتفضون ليخلوا بالنظام، ولكن لا يسمح لهم لا بالانتصار ولا بالانهزام، وإنما يُسمَح بالاستمرار فى استنزاف الدولة المركزية وفى استنزاف أنفسهم (وهذا درس لكل أقليات المنطقة، فهى الأخرى ستتحول إلى مادة استعمالية نافعة للنظام العالمي الجديد) .
هذا فيما يتصل بالدول التي لعبت دائماً دور القيادة فى المنطقة، أما بالنسبة للدول البترولية فإن المخطط الأمريكي الغربي، فى رأى الأستاذ منير شفيق، لن يسمح مرة أخرى بتراكم تلك الثروة النفطية فى الخليج، وسيسعى بكل الوسائل إلى تقليصها إلى أقصى حد، وسيعمل على التحكم فيها من حيث إعطاء المساعدات الخارجية والتحكم في الإنتاج والأسعار والاستثمار في المشاريع الداخلية والخارجية وغير ذلك. ولا يمكن أن يُفهَم ما جرى فى إعادة بناء الكويت، وما فُرض من إتاوات لدفع تكاليف الحرب، وما جرى من نهب وتدمير لبنك الاعتماد التابع للإمارات، إلا ضمن هذا السياق. ولعل من أهداف الهجوم الذى يشن على ليبيا الآن السيطرة على سياسة النفط الليبية والثروة الليبية حتى تكتمل حلقات السيطرة على النفط العربي، ومن ثم الإسلامي". ولعل الانقلاب المعادي للديموقراطية فى الجزائر هو أيضاً من باب محاولة إحكام السيطرة حتى لا تأتي للحكم نظم مؤمنة بالتنمية المستقلة وبعدم تبدىد مواردها الطبيعية والحفاظ على ثروتها للأجيال القادمة فلا ترهنها للشركات متعددة الجنسيات نظير بضعة ملايين من الدولارات تتبدَّد فى أشكال من الترف والعبث.