الحمد لله العلي العظيم، الرءوف الرحيم، العطوف الكريم، الجواد الحليم، أحمده على إنعامه العميم، وأشكره على إحسانه الجسيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبوِّئ قائلها دار النعيم، وتنجيه غدا من عذاب الجحيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالدين القويم، والمنهج المستقيم -صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة والتسليم- ما أقبل النهار وأدبر الليل البهيم.
وبعد فإني لما وقفت على كتاب "إكمال الإكمال" الذي صنفه الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الغني بن أبي بكر بن نقطة البغدادي -رحمه الله- مذيلا به على كتاب الأمير أبي نصر علي بن هبة الله بن علي المعروف بابن ماكولا -رحمه الله وبلغه الله نهاية الآمال- وجدته أحسن فيه الجمع، وأجاد المقال، ونبه على فوائد كثيرة، سمعها في رحلته من أفواه الرجال، وأخذها عن أولي الحفظ والترحال، بيد أنه أغفل ذكر جماعة في بعض التراجم، يلزمه ذكرهم من هذا المثال، وجماعة لم يقعوا له ولا خطروا منه على بال، فأحببت أن أنبه عليهم وأنسج على هذا المنوال. وليس الغرض في ذلك سوى الانتماء إلى هذه الطائفة والتشبه بهم في القول والفعال، فاستخرت الله سبحانه الكبير المتعال، وذكرت ما وقع إليَّ من ذلك لتتم به الفائدة ويحصل النفع في غالب الأحوال، وما توفيقي إلا بالله، وإياه أسأل أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم، ويعصمنا من الخطأ والخطل فإنه لما يشاء فعال.