وخمسمائة" بالإسكندرية. أنشدنا الشيخ الأمين أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الأنصاري الحموي بدمشق، قال أنشدتنا الأديبة أم علي تقية ابنة أبي الفرج غيث بن علي الأرمنازي لنفسها بثغر الإسكندرية، تمدح شيخنا الحافظ أبا طاهر السلفي، وتعتذر إليه لانقطاع ولدها أبي الحسن بن صمدون عن مجلسه، وملازمته للشريف أبي محمد بن أبي اليابس الديباجي، وكان الحافظ قد غضب عليه بسبب ذلك:
تالله ما غبتُ عنكم مللا … ولا فؤادي عن الدنو سلا
وكيف أنسى جميلكم ولكم … علي فضل يبلغ الأملا
أنقذتموني من كل مهلكة … فلست أبغي بقربكم بدلا
داركم مذحللت ساحتها … كأنني الشمس حلت الحملا
أسحب ذيلي في عزها مرحا … وكنت قدما لا أعرف الخيلا
وإنما غبت عنكم خجلا … لأن ذنبي يزيدني خجلا
تقول عيني ودمعها وكف … لما رأت عبدكم قد انتقلا
وزدت في عذله لأردعه … وهو عصي لا يسمع العذلا
حتى إذا زدت في ملامته … وظن قلبي بأنه اعتدلا
قلت له والدموع واكفة … والقلب مني للبين قد وجلا
كيف تطيق البعاد عن رجل … حوى جميع الفنون واكتملا
الحافظ الحبر والذي اكتملت … به المعالي وزين الدولا
أولاك فضلا وسؤددا وحجا … فصرت في الناس أوحد الفضلا
فقال حظي لديه محتقر … إن قلت قولا أجاب عنه بلا
يرفع دوني والعين تنظره … ولم أزل صابرا ومحختملا
وكل واش أتاه في سببي … صدقه وهو قائل زللا
كأنني المشركون إذ خدموا … لا يرفع الله عنهم عملا
فصنت عرضي بنقلتي أسفا … ولم أجد مسلكا ولا سبلا
حتى كأن البلاد لست أرى … في ساحتيها سهلا ولا جبلا
ثم قرأت العلوم منعكفا … كيلا يقول الوشاة قد بطلا
فهو إمامي ولا يرى أحد … بين فؤادي وبينه خللا
أمدحه ما حييت مجتهدا … في كل ناد ومحفل وملا
فإن حباني يزيدني شرفا … وإن قلاني فليس ذلك قلى
فالله يبقيه دائما أبدا … وزاده الله رفعة وعلا
ما لاح برق وما دجا غسق … وما همى وابل وما هطلا