للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَفِي اخْتَارِي نَفْسَكِ لَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ) لِعَدَمِ تَنَوُّعِ الِاخْتِيَارِ؛ بِخِلَافِ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك (بَلْ تَبِينُ) بِوَاحِدَةٍ (إنْ قَالَتْ اخْتَرْتُ) نَفْسِي (أَوْ) أَنَا (أَخْتَارُ نَفْسِي) اسْتِحْسَانًا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَنَا طَالِقٌ أَوْ أَنَا أُطَلِّقُ نَفْسِي لَمْ يَقَعْ لِأَنَّهُ وَعْدٌ جَوْهَرَةٌ،

ــ

[رد المحتار]

رَاكِبِ الْمَحْمَلِ مِنْ تَسْيِيرِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ رَاكِبِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّسْيِيرُ فَيُنْسَبُ إلَيْهِ وَإِنْ قَادَهُ غَيْرُهُ تَأَمَّلْ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّ الدَّابَّةَ لَوْ جَمَحَتْ وَعَجَزَتْ عَنْ رَدِّهَا أَنْ تَكُونَ كَالسَّفِينَةِ لِأَنَّ فِعْلَهَا حِينَئِذٍ لَا يُنْسَبُ إلَى الرَّاكِبِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ.

[تَتِمَّةٌ] لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا فِيمَا لَوْ نَامَتْ قَاعِدَةً أَوْ كَانَتْ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ أَوْ الْوِتْرَ فَأَتَمَّتْهَا، أَوْ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ فِي الْأَصَحِّ أَوْ ضَمَّتْ إلَى النَّافِلَةِ رَكْعَةً أُخْرَى، أَوْ لَبِسَتْ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ، أَوْ أَكَلَتْ قَلِيلًا، أَوْ شَرِبَتْ، أَوْ قَرَأَتْ قَلِيلًا، أَوْ سَبَّحَتْ أَوْ قَالَتْ لِمَ لَا تُطَلِّقْنِي بِلِسَانِكَ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِأَنَّ الْمُبَدِّلَ لِلْمَجْلِسِ مَا يَكُونُ قَطْعًا لِلْكَلَامِ الْأَوَّلِ وَإِفَاضَةً فِي غَيْرِهِ، وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ بَلْ الْكُلُّ يَتَعَلَّقُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الطَّلَاقُ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَنَوُّعِ الِاخْتِيَارِ) لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا إنَّمَا يُفِيدُ الْخُلُوصَ وَالصَّفَاءَ، وَالْبَيْنُونَةُ تَثْبُتُ بِهِ مُقْتَضًى وَلَا عُمُومَ لَهُ نَهْرٌ أَيْ مَعْنَى اخْتَرْتُ نَفْسِي اصْطَفَيْتُهَا مِنْ مِلْكِ أَحَدٍ لَهَا وَذَلِكَ بِالْبَيْنُونَةِ فَصَارَتْ الْبَيْنُونَةُ مُقْتَضًى وَهُوَ مَا يُقَدَّرُ ضَرُورَةَ تَصْحِيحِ الْكَلَامِ؛ فَإِنَّ اصْطِفَاءَهَا نَفْسَهَا مَعَ مِلْكِ الزَّوْجِ لَا يُمْكِنُ فَيُقَدَّرُ لِأَنِّي أَبَنْتُ نَفْسِي؛ وَالْمُقْتَضَى لَا عُمُومَ لَهُ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ الصُّغْرَى إذْ بِهَا تَسْتَخْلِصُ نَفْسَهَا وَتَصْطَفِيهَا مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الْكُبْرَى لِعَدَمِ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهَا رَحْمَتِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ أَنْتِ بَائِنٌ) لِأَنَّهُ مَلْفُوظٌ بِهِ لَا مَانِعَ مِنْ عُمُومِهِ؛ فَإِذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَى الْأَدْنَى وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ الصُّغْرَى وَلَوْ نَوَى الْكُبْرَى صَحَّ لِأَنَّهُ نَوَى مُحْتَمَلَ لَفْظِهِ؛ وَكَذَا قَوْلُهُ أَمْرُكِ بِيَدِكِ؛ وَلَا يَصِحُّ إيقَاعُ الرَّجْعِيِّ بِهِ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ فَالْوَاقِعُ بِهَا الْبَائِنُ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْبَيْنُونَتَيْنِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الصُّغْرَى؛ وَإِنْ نَوَى الْكُبْرَى فَأَوْقَعَتْهَا بِلَفْظِهَا أَوْ بِنِيَّتِهَا صَحَّ لِمَا قُلْنَا أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ أَنَا أَخْتَارُ نَفْسِي: أَيْ لَوْ ذَكَرَتْ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ سَوَاءٌ ذَكَرَتْ (أَنَا) أَوْ لَا، فَفِي الْقِيَاسِ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ وَعْدٌ. وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ قَوْلُ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمَّا خَيَّرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ، وَاعْتَبَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَابًا لِأَنَّ الْمُضَارِعَ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ مَجَازٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْمَذَاهِبِ، وَقِيلَ بِالْقَلْبِ، وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى الِاشْتِرَاكِ يَرْجِعُ هُنَا إرَادَةُ الْحَالِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهِ إخْبَارًا عَنْ أَمْرٍ قَائِمٍ فِي الْحَالِ وَذَلِكَ مُمْكِنٌ فِي الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ فَيُصَحِّحُ الْإِخْبَارَ بِاللِّسَانِ عَمَّا هُوَ قَائِمٌ بِمَحَلٍّ آخَرَ حَالَ الْإِخْبَارِ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ، بِخِلَافِ قَوْلِهَا أُطَلِّقُ نَفْسِي لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ إخْبَارًا عَنْ طَلَاقٍ قَائِمٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُومُ بِاللِّسَانِ، فَلَوْ جَازَ لَقَامَ بِهِ الْأَمْرَانِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مُحَالٌ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِيقَاعَ لَا يَكُونُ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ تُعُورِفَ جَازَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَقَعَ بِهِ هُنَا لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ لَا إخْبَارٌ، كَذَا فِي الْفَتْحِ مُلَخَّصًا. قَالَ فِي النَّهْرِ وَقَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمِعْرَاجِ بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ، فَإِنْ نَوَاهُ وَقَعَ اهـ وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ: لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ هِيَ قَوْلُ الْمَرْأَةِ أُطَلِّقُ نَفْسِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَنَا طَالِقٌ) لَيْسَ هَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَلَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْفَتْحِ بَلْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي نَقْلًا عَنْ الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ، وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ أَيْضًا هُنَاكَ أَنَّهُ يَقَعُ بِقَوْلِهَا أَنَا طَالِقٌ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُوصَفُ بِالطَّلَاقِ دُونَ الرَّجُلِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْجَوْهَرَةِ: وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَكِ فَقَالَتْ أَنَا أُطَلِّقُ لَمْ يَقَعْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا. اهـ. نَعَمْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ فِي فَصْلِ الْمَشِيئَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنَّ شِئْتِ فَقَالَتْ أَنَا طَالِقٌ لَا يَقَعُ شَيْءٌ اهـ لَكِنَّ عَدَمَ الْوُقُوعِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الثَّلَاثَ عَلَى مَشِيئَتِهَا الثَّلَاثَ، وَلَا يُمْكِنُ إيقَاعُ الثَّلَاثِ بِلَفْظِ طَالِقٍ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>