مَا لَمْ يُتَعَارَفْ أَوْ تَنْوِ الْإِنْشَاءَ فَتْحٌ (وَذِكْرُ النَّفْسِ أَوْ الِاخْتِيَارَةِ فِي أَحَدِ كَلَامَيْهِمَا شَرْطُ) صِحَّةِ الْوُقُوعِ بِالْإِجْمَاعِ (وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُهَا مُتَّصِلًا، فَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا فَإِنْ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ) لِأَنَّهَا تَمْلِكُ فِيهِ الْإِنْشَاءَ (وَإِلَّا لَا) إلَّا أَنْ يَتَصَادَقَا عَلَى اخْتِيَارِ النَّفْسِ فَيَصِحُّ وَإِنْ خَلَا كَلَامُهُمَا عَنْ ذِكْرِ النَّفْسِ دُرَرٌ وَالتَّاجِيَّةُ وَأَقَرَّهُ الْبَهْنَسِيُّ وَالْبَاقَانِيُّ، لَكِنْ رَدَّهُ الْكَمَالُ وَنَقَلَهُ الْأَكْمَلُ بِقِيلَ، وَالْحَقُّ ضَعْفُهُ نَهْرٌ.
(فَلَوْ قَالَ اخْتَارِي اخْتِيَارَةً أَوْ طَلْقَةً) أَوْ أُمَّك (وَقَعَ لَوْ قَالَتْ اخْتَرْتُ) فَإِنَّ ذِكْرَ الِاخْتِيَارَةِ كَذِكْرِ النَّفْسِ إذْ التَّاءُ فِيهِ لِلْوَحْدَةِ، وَكَذَا ذِكْرُ التَّطْلِيقَةِ وَتَكْرَارُ لَفْظِ اخْتَارِي وَقَوْلُهَا اخْتَرْت أَبِي أَوْ أُمِّي أَوْ أَهْلِي أَوْ الْأَزْوَاجَ يَقُومُ
ــ
[رد المحتار]
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: لَا يَقَعُ إلَّا أَنْ تَقُولَ أَنَا طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ لَفْظَ أَنَا طَالِقٌ يَصْلُحُ جَوَابًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ هُنَا لِمَا قُلْنَا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَوْ تَنْوِ) مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَعْلُومِ فَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْمَرْأَةِ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ عَطْفًا عَلَى يُتَعَارَفُ الْمَبْنِيِّ لِلْمَجْهُولِ ح ثُمَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ عِبَارَةِ الْفَتْحِ بَلْ مِنْ زِيَادَةِ الشَّارِحِ أَخْذًا مِمَّا نَقَلْنَاهُ آنِفًا عَنْ النَّهْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ أَوْ الِاخْتِيَارَةِ) مَصْدَرُ اخْتَارِي وَأَفَادَ أَنَّ ذِكْرَ النَّفْسِ لَيْسَ شَرْطًا بِخُصُوصِهِ بَلْ هِيَ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ فِي أَحَدِ كَلَامَيْهِمَا) وَإِذَا كَانَتْ النَّفْسُ فِي كَلَامَيْهِمَا فَبِالْأَوْلَى، وَإِذَا دَخَلَتْ عَنْ كَلَامَيْهِمَا لَمْ يَقَعْ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ) لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِلَفْظِ الِاخْتِيَارِ عُرِفَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَإِجْمَاعُهُمْ فِي اللَّفْظَةِ الْمُفَسَّرَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ ط عَنْ إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَمْلِكُ فِيهِ الْإِنْشَاءَ) أَيْ فَتَمْلِكُ تَفْسِيرَهُ أَيْضًا ط. قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَالْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَتْ فِي الْمَجْلِسِ عَنَيْتُ نَفْسِي يَقَعُ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِيهِ تَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَصَادَقَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَالتَّاجِيَّةُ) نِسْبَةٌ إلَى تَاجِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ رَدَّهُ الْكَمَالُ) حَيْثُ قَالَ الْإِيقَاعُ بِالِاخْتِيَارِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ فِيهِ، وَلَوْلَا هَذَا لَأَمْكَنَ الِاكْتِفَاءُ بِتَفْسِيرِ الْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ دُونَ الْمَقَالِيَّةِ بَعْدَ أَنْ نَوَى الزَّوْجُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَتَصَادَقَا عَلَيْهِ لَكِنَّهُ بَطَلَ، وَإِلَّا لَوَقَعَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ مَعَ لَفْظٍ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَصْلًا كَاسْقِنِي. اهـ. (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْأَكْمَلُ) أَيْ فِي الْعِنَايَةِ ط
(قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ ذِكْرُ النَّفْسِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي تَفْسِيرِ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ إذْ التَّاءُ فِيهِ لِلْوَحْدَةِ) أَيْ وَاخْتِيَارُهَا نَفْسَهَا هُوَ الَّذِي يَتَّحِدُ مَرَّةً، بِأَنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي تَقَعُ وَاحِدَةٌ، وَيَتَعَدَّدُ أُخْرَى كَاخْتَارِي نَفْسَكِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَقَالَتْ اخْتَرْتُ وَقَعْنَ، فَلَمَّا قَيَّدَ بِالْوَحْدَةِ ظَهَرَ أَنَّهُ أَرَادَ تَخْيِيرَهَا فِي الطَّلَاقِ فَكَانَ مُفَسَّرًا وَلَا يَرِدُ أَنَّ هَذَا مُنَاقِضٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الِاخْتِيَارَ لَا يَتَنَوَّعُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِمَّا ذَكَرْنَا كَوْنُ الِاخْتِيَارِ نَفْسِهِ يَتَنَوَّعُ كَالْبَيْنُونَةِ إلَى غَلِيظَةٍ وَخَفِيفَةٍ حَتَّى يُصَابَ كُلُّ نَوْعٍ مِنْهُ بِالنِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ لَفْظٍ آخَرَ، أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا ذِكْرُ التَّطْلِيقَةِ) وَتَقَعُ بَائِنَةً إنْ فِي كَلَامِهَا، بِأَنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ بِخِلَافِهَا فِي كَلَامِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ بِالصَّرِيحِ، وَتَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَتَكْرَارُ لَفْظِ اخْتَارِي) لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي حَجّ الطَّلَاقُ هُوَ الَّذِي يَتَكَرَّرُ فَكَانَ مُتَعَيَّنًا ط عَنْ الْإِيضَاحِ لَكِنْ فِي كَوْنِ التَّكْرَارِ مُفَسَّرًا كَالنَّفْسِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَقَوْلُهَا اخْتَرْتُ أَبِي إلَخْ) لِأَنَّ الْكَوْنَ عِنْدَهُمْ إنَّمَا يَكُونُ لِلْبَيْنُونَةِ وَعَدَمِ الْوَصْلَةِ مَعَ الزَّوْجِ، بِخِلَافِ اخْتَرْتُ قَوْمِي أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَا يَقَعُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا أَبٌ أَوْ أُمٌّ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَكَانَ لَهَا أَخٌ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ عِنْدَهُ عَادَةً، كَذَا فِي الْفَتْحِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ قَالَتْ اخْتَرْتُ أَبِي أَوْ أُمِّي وَقَدْ مَاتَا وَلَا أَخ لَهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ لِقِيَامِ ذَلِكَ مَقَامَ اخْتَرْت نَفْسِي. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُفَسَّرَ ثَمَانِيَةُ أَلْفَاظٍ: النَّفْسُ، وَالِاخْتِيَارُ وَالتَّطْلِيقَةُ، وَالتَّكْرَارُ، وَأَبِي، وَأُمِّي، وَأَهْلِي، وَالْأَزْوَاجُ وَيُزَادُ تَاسِعٌ وَهُوَ الْعَدَدُ فِي كَلَامِهِ؛ فَلَوْ قَالَ: اخْتَارِي ثَلَاثًا فَقَالَتْ اخْتَرْتُ يَقَعُ ثَلَاثٌ، لِأَنَّهُ دَلِيلُ إرَادَةِ اخْتِيَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute