مَقَامَ ذِكْرِ النَّفْسِ وَالشَّرْطِ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ أَحَدِهِمَا كَمَا مَثَّلْنَا، فَلَمْ يَخْتَصَّ اخْتِيَارُهُ بِكَلَامِ الزَّوْجِ كَمَا ظَنَّ، وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَزَوْجِي أَوْ نَفْسِي لَا بَلْ زَوْجِي وَقَعَ، وَمَا فِي الِاخْتِيَارِ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ سَهْوٌ، نَعَمْ لَوْ عَكَسَتْ لَمْ يَقَعْ اعْتِبَارٌ لِلْمُقَدَّمِ وَبَطَلَ أَمْرُهَا كَمَا لَوْ عَطَفَتْ بِأَوْ، أَوْ أَرْشَاهَا لِتَخْتَارَهُ فَاخْتَارَتْهُ أَوْ قَالَتْ أَلْحَقْتُ نَفْسِي بِأَهْلِي.
(وَلَوْ كَرَّرَهَا) أَيْ لَفْظَةَ اخْتَارِي (ثَلَاثًا) بِعَطْفٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَقَالَتْ) اخْتَرْتُ أَوْ (اخْتَرْت اخْتِيَارَةً أَوْ اخْتَرْت الْأُولَى أَوْ الْوُسْطَى أَوْ الْأَخِيرَةَ يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ)
ــ
[رد المحتار]
الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَعَدَّدُ وَقَوْلُهَا اخْتَرْت يَنْصَرِفُ إلَيْهِ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالشَّرْطِ إلَخْ) إنَّمَا اكْتَفَى بِذَكَرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ فِي كَلَامِهِ تَضَمَّنَ جَوَابُهَا إعَادَتَهَا كَأَنَّهَا قَالَتْ فَعَلْت ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي كَلَامِهَا فَقَدْ وُجِدَ مَا يَخْتَصُّ بِالْبَيْنُونَةِ فِي اللَّفْظِ الْعَامِلِ فِي الْإِيقَاعِ.
فَإِذَا وُجِدَتْ نِيَّةُ الزَّوْجِ تَمَّتْ عِلَّةُ الْبَيْنُونَةِ فَتَثْبُتُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ النَّفْسَ وَنَحْوَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ الْمُبْهَمَ لَا يُفَسِّرُ الْمُبْهَمَ وَلِلْإِجْمَاعِ الْمَارِّ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَخْتَصَّ إلَخْ) أَخَذَهُ مِنْ الْقُهُسْتَانِيِّ ح، وَكَيْفَ يَخْتَصُّ مَعَ مُخَالِفَتِهِ لِقَوْلِ الْمُتُونِ: وَذِكْرُ النَّفْسِ أَوْ الِاخْتِيَارَةِ فِي أَحَدِ كَلَامَيْهِمَا شَرْطٌ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الِاخْتِيَارِ) هُوَ شَرْحُ الْمُخْتَارِ لِمُؤَلِّفِهِ (قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِضْرَابِ (قَوْلُهُ سَهْوٌ) لِمُخَالِفَتِهِ لِمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لَوْ عَكَسَتْ) بِأَنْ قَالَتْ اخْتَرْتُ زَوْجِي لَا بَلْ نَفْسِي أَوْ قَالَتْ زَوْجِي وَنَفْسِي بَحْرٌ (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا لِلْمُقَدَّمِ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَبَطَلَ أَمْرُهَا) عَطْفٌ عَلَى لَمْ يَقَعْ ح: أَيْ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا فِي مَسْأَلَتَيْ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَطَفَتْ بِأَوْ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ وَيَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا لِأَنَّ (أَوْ) لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ فَلَمْ يُعْلَمْ اخْتِيَارُهَا نَفْسَهَا وَلَا زَوْجَهَا عَلَى التَّعْيِينِ، فَكَانَ اشْتِغَالًا بِمَا لَا يَعْنِيهَا فَكَانَ إعْرَاضًا. اهـ. ح (قَوْلُهُ أَوْ أَرْشَاهَا إلَخْ) أَيْ جَعَلَ لَهَا مَالًا لِتَخْتَارَهُ فَاخْتَارَتْهُ لَا يَقَعُ، وَلَا يَجِبُ الْمَالُ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ إذْ هُوَ اعْتِيَاضٌ عَنْ تَرْكِ حَقِّ تَمَلُّكِ نَفْسِهَا فَهُوَ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ تَرْكِ حَقِّ الشُّفْعَةِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَتْ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ أَلْحَقْتُ نَفْسِي بِأَهْلِي لَمْ يَقَعْ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ، فَهُوَ كَقَوْلِهَا أَنَا بَائِنٌ اهـ ح وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَسَنَذْكُرُ جَوَابَهُ ثَمَّةَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَكُلُّ لَفْظٍ يَصْلُحُ لِلْإِيقَاعِ إلَخْ
(قَوْلُهُ بِعَطْفٍ) أَيْ بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ وَفِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ لِلْفَارِسِيِّ أَنَّهُ فِي الْعَطْفِ بِثُمَّ لَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ تَكَلُّمِ الزَّوْجِ بِالثَّانِيَةِ وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا بَانَتْ بِالْأُولَى وَلَمْ يَقَعْ بِغَيْرِهَا شَيْءٌ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ) كَذَا فِي الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ وَالصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَالْعَتَّابِيِّ، وَوَجْهُهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ دَلَالَةِ التَّكْرَارِ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ، وَكَذَا قَالَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَالتَّعَدُّدُ: أَيْ التَّكْرَارُ خَاصٌّ بِالطَّلَاقِ، فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِ النَّفْسِ وَالنِّيَّةِ لَكِنْ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: إنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. اهـ. وَذَهَبَ إلَيْهِ قَاضِي خَانْ وَأَبُو الْمُعِينِ النَّسَفِيُّ.
وَرَجَّحَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ تَكْرَارَ الْأَمْرِ بِالِاخْتِيَارِ لَا يُصَيِّرُهُ ظَاهِرًا فِي الطَّلَاقِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ اخْتَارِي فِي الْمَالِ أَوْ اخْتَارِي فِي الْمَسْكَنِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالِاخْتِلَافُ فِي الْوُقُوعِ قَضَاءً بِلَا نِيَّةٍ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَّا بِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ رِوَايَةً وَدِرَايَةً اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ دُونَ النَّفْسِ. اهـ. أَقُولُ: فَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَالْمَقْدِسِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ، وَقَوْلُ الْبَحْرِ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ دُونَ النَّفْسِ فِيهِ نَظَرٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute