للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الزَّوْجِ لِدَلَالَةِ التَّكْرَارِ (ثَلَاثًا) وَقَالَا: يَقَعُ فِي اخْتَرْت الْأُولَى إلَى آخِرِهِ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ بَحْرٌ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخُ عَلِيُّ الْمَقْدِسِيَّ وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: وَبِهِ نَأْخُذُ انْتَهَى، فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُمَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ وَبِهِ نَأْخُذُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُعْلَمِ بِهَا عَلَى الْإِفْتَاءِ، كَذَا بِخَطِّ الشَّرَفِ الْغَزِّيِّ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ. (وَلَوْ قَالَتْ) فِي جَوَابِ التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ (طَلَّقْتُ نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ) أَوْ اخْتَرْت الطَّلْقَةَ الْأُولَى (بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ فِي الْأَصَحِّ)

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى " التَّكْرَارُ دَلِيلُ إرَادَةِ الطَّلَاقِ " يَقُولُ: لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ النَّفْسِ أَيْضًا بِدَلَالَةِ التَّكْرَارِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ التَّلْخِيصِ الْمَارَّةِ وَصَرِيحُ مَا مَرَّ أَيْضًا مِنْ عَدِّ التَّكْرَارِ مِنْ الْمُفَسِّرَاتِ التِّسْعَةِ.

وَمَنْ قَالَ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ لَمْ يَجْعَلْ التَّكْرَارَ دَلِيلًا عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْفَتْحِ الْمَارِّ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ، فَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ التَّكْرَارُ دَلِيلًا عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ بَقِيَ لَفْظُ الِاخْتِيَارِ بِلَا مُفَسِّرٍ وَتَقَدَّمَ الْإِجْمَاعُ عَلَى اشْتِرَاطِهِ، فَلَزِمَ مِنْ الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ النَّفْسِ، وَلَا يَحْصُلُ التَّفْسِيرُ بِالنِّيَّةِ لِمَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: وَالْإِيقَاعُ بِالِاخْتِيَارِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ؛ وَلَوْلَا هَذَا لَأَمْكَنَ الِاكْتِفَاءُ بِتَفْسِيرِ الْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ دُونَ الْمَقَالِيَّةِ إنْ نَوَى الزَّوْجُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِ وَتَصَادَقَا عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ بَاطِلٌ اهـ نَعَمْ حَيْثُ كَانَ الِاخْتِلَافُ الْمَارُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْوُقُوعِ قَضَاءً يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ ذِكْرَ الزَّوْجِ النَّفْسَ مَعَ التَّكْرَارِ لَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ النِّيَّةُ اتِّفَاقًا، لِمَا عَلِمْتَهُ مِنْ أَنَّ مَنَاطَ الِاخْتِلَافِ هُوَ أَنَّ التَّكْرَارَ هَلْ يَقُومُ مَقَامَ ذِكْرِ النَّفْسِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ أَوْ لَا، فَإِذَا وُجِدَ التَّصْرِيحُ بِذِكْرِ النَّفْسِ تَعَيَّنَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ، فَلَا يَبْقَى مَحَلٌّ لِلْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ قَضَاءً، لِأَنَّ ذِكْرَ النَّفْسِ يُكَذِّبُهُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ كَمَا مَرَّ فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّ الدَّلَالَةَ أَقْوَى مِنْ النِّيَّةِ لِكَوْنِهَا ظَاهِرَةً وَالنِّيَّةُ بَاطِنَةٌ، فَتَعَيَّنَ كَوْنُ الْخِلَافِ الْمَارِّ فِي أَنَّهُ هَلْ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي صُورَةِ التَّكْرَارِ أَوْ لَا تُشْتَرَطُ، مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ النَّفْسَ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْمَقَامِ فَتَدَبَّرْهُ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ، وَمِنْ هُنَا ظَهَرَ لَك أَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ هُنَا بِلَا نِيَّةٍ وَقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ يَنْوِي الطَّلَاقَ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ تُذْكَرْ النَّفْسُ وَنَحْوُهَا مِنْ الْمُفَسِّرَاتِ فِي كَلَامِ الزَّوْجِ وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ فِي كَلَامِ الْمَرْأَةِ فَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِتَتِمَّ عِلَّةُ الْبَيْنُونَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ سَابِقًا عَنْ الْفَتْحِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْغَضَبَ أَوْ الْمُذَاكَرَةَ يَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ فِي الْقَضَاءِ.

أَمَّا إذَا ذُكِرَتْ النَّفْسُ وَنَحْوُهَا فِي كَلَامِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ فِي الْقَضَاءِ لِوُجُودِ مَا يَخْتَصُّ بِالْبَيْنُونَةِ، وَهَلْ التَّكْرَارُ فِي كَلَامِهِ مُفَسِّرٌ كَالنَّفْسِ فَيُغْنِي عَنْ النِّيَّةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي سَمِعْتَهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُذْكَرْ النَّفْسُ أَوْ نَحْوُهَا لَا فِي كَلَامِهِ وَلَا فِي كَلَامِهَا لَا يَقَعُ أَصْلًا وَإِنْ نَوَى كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ ثَلَاثًا) يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ذِكْرُهَا قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا نِيَّةٍ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمِنَحِ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ لِإِفَادَتِهِ أَنَّ الثَّلَاثَ لَا تُشْتَرَطُ لَهَا النِّيَّةُ أَيْضًا ط (قَوْلُهُ فِي اخْتَرْتُ الْأُولَى) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ فِي قَوْلِهَا اخْتَرْت أَوْ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً يَقَعُ ثَلَاثٌ اتِّفَاقًا، وَكَذَا اخْتَرْت مَرَّةً أَوْ بِمَرَّةٍ أَوْ دُفْعَةً أَوْ بِدُفْعَةٍ أَوْ بِوَاحِدَةٍ أَوْ اخْتِيَارَةً وَاحِدَةً تَقَعُ الثَّلَاثُ فِي قَوْلِهِمْ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ أَوْ الْوُسْطَى أَوْ الْأَخِيرَةِ، فَالْمُرَادُ أَنَّهَا قَالَتْ اخْتَرْت الْأُولَى، أَوْ قَالَتْ اخْتَرْت الْوُسْطَى أَوْ قَالَتْ الْأَخِيرَةَ، وَيُحْتَمَلُ كَوْنُ الْمُرَادِ أَنَّهَا ذَكَرَتْ الثَّلَاثَةَ مَعَ الْعَطْفِ بِأَوْ (قَوْلُهُ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيَّ) فِيهِ أَنَّ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ عَلَى نَظْمِ الْكَنْزِ إنَّمَا حَكَى الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ تَوْجِيهَ قَوْلِهِمَا وَأَعْقَبَهُ بِتَوْجِيهِ قَوْلِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ فَقَدْ أَفَادَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ مَشَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَأَخَّرَ دَلِيلَهُ فِي الْهِدَايَةِ فَكَانَ هُوَ الْمُرَجَّحَ عِنْدَهُ عَلَى عَادَتِهِ، وَأَطَالَ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ فِي تَوْجِيهِهِ وَدَفَعَ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ لِأَصْحَابِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ، فَلَا يُعَارِضُهُ اعْتِمَادُ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ (قَوْلُهُ فِي جَوَابِ التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ) أَيْ الْمُكَرَّرِ ثَلَاثًا كَمَا فِي النَّهْرِ. وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ: فِي جَوَابِ قَوْلِهِ اخْتَارِي (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) الْأَنْسَبُ إبْدَالُهُ بِقَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>