للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَفْوِيضِهِ بِالْبَائِنِ فَلَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ (أَمْرُكِ بِيَدِك فِي تَطْلِيقَةٍ أَوْ اخْتَارِي تَطْلِيقَةً فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا طَلُقَتْ رَجْعِيَّةً) لِتَفْوِيضِهِ إلَيْهَا بِالصَّرِيحِ، وَالْمُفِيدُ لِلْبَيْنُونَةِ إذَا قُرِنَ بِالصَّرِيحِ صَارَ رَجْعِيًّا كَعَكْسِهِ قَيَّدَ بِفِي وَمِثْلُهَا الْبَاءُ بِخِلَافِ لَتُطَلِّقِي نَفْسَك أَوْ حَتَّى تُطَلِّقِي فَهِيَ بَائِنَةٌ كَمَا لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا لَوْ لَمْ تَصِلْ نَفَقَتِي إلَيْكِ فَطَلِّقِي نَفْسَك مَتَى شِئْت فَلَمْ تَصِلْ فَطَلَّقَتْ كَانَ بَائِنًا لِأَنَّ لَفْظَةَ الطَّلَاقِ لَمْ تَكُنْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

[فُرُوعٌ] قَالَ الرَّجُلُ خَيِّرْ امْرَأَتِي فَلَمْ تَخْتَرْ مَا لَمْ يُخَيِّرْهَا، بِخِلَافِ أَخْبَرْهَا بِالْخِيَارِ لِإِقْرَارِهِ بِهِ. قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت وَاخْتَارِي فَقَالَتْ شِئْتُ وَاخْتَرْتُ وَقَعَ ثِنْتَانِ.

قَالَ اخْتَارِي الْيَوْمَ وَغَدًا اتَّحَدَ، وَلَوْ وَاخْتَارِي غَدًا تَعَدَّدَ.

ــ

[رد المحتار]

هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَبَعْضِ نُسَخِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ جَزَمَ الشَّارِحُونَ بِأَنَّهُ غَلَطٌ.

وَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ رِوَايَةٌ رَدَّهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ لِتَفْوِيضِهِ بِالْبَائِنِ) لِأَنَّ لَفْظَ التَّخْيِيرِ كِنَايَةٌ فَيَقَعُ بِهِ الْبَائِنُ (قَوْلُهُ فَلَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ) لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِإِيقَاعِهَا بَلْ لِتَفْوِيضِ الزَّوْجِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهَا بِالْبَائِنِ أَوْ الرَّجْعِيِّ فَعَكَسَتْ وَقَعَ مَا أَمَرَ بِهِ الزَّوْجُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا) أَشَارَ إلَى أَنَّ اخْتَرْت كَمَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِلِاخْتِيَارِ يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَمْرِ بِالْيَدِ كَمَا يَأْتِي أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ وَالْمُفِيدُ لِلْبَيْنُونَةِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ هُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَمْرُك بِيَدِك وَاخْتَارِي يُفِيدُ الْبَيْنُونَةَ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا. قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ لِزَوْجَتِهِ رُوحِي طَالِقَةً رَجْعِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَعَكْسِهِ) يَعْنِي أَنَّ الصَّرِيحَ إذَا قُرِنَ بِالْكِنَايَةِ كَانَ بَائِنًا نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَيَّدَ: أَيْ إنَّمَا قَيَّدَ بِفِي بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْبَاءُ اعْتِرَاضٌ ح (قَوْلُهُ فَهِيَ بَائِنَةٌ) لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهَا بِلَفْظِ الْبَائِنِ، وَذِكْرُ الصَّرِيحِ عِلَّةٌ أَوْ غَايَةٌ لَا عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُفَوَّضُ، بِخِلَافِ فِي لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَمْرَ مَظْرُوفًا فِي التَّطْلِيقَةِ وَالْبَاءُ هُنَا بِمَعْنَى " فِي " رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَمْرُكِ بِيَدِك لَوْ لَمْ إلَخْ فَقَوْلُهُ لَوْ لَمْ تَصِلْ شَرْطٌ، وَقَوْلُهُ أَمْرُك بِيَدِك دَلِيلُ جَوَابِهِ وَقَوْلُهُ فَطَلِّقِي تَفْسِيرٌ لِكَوْنِ أَمْرِهَا بِيَدِهَا ح (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَفْظَةَ الطَّلَاقِ) عِلَّةٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ ط (قَوْلُهُ لَمْ تَكُنْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ: أَيْ لَمْ تَكُنْ مَعْمُولًا لَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِنَفْسِ الْأَمْرِ الْوَاقِعِ ح (قَوْلُهُ فَلَمْ تَخْتَرْ) يَعْنِي لَمْ يَكُنْ لَهَا الْخِيَارُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْبَحْرِ، وَحَيْثُ ارْتَكَبَ الشَّارِحُ هَذَا التَّرْكِيبَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْذِفَ الْفَاءَ كَمَا لَا يَخْفَى ح. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَلَا خِيَارَ لَهَا مَا لَمْ يُخَيِّرْهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ أَخْبَرَهَا بِالْخِيَارِ) أَيْ فَقَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهَا سَمِعْت فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقَعَ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِخْبَارِ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ الْمُخْبَرِ عَنْهُ، فَكَانَ هَذَا إقْرَارًا مِنْ الزَّوْجِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَقَعَ ثِنْتَانِ) إحْدَاهُمَا بِالْمَشِيئَةِ وَأُخْرَى بِالْخِيَارِ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهَا طَلَاقَيْنِ أَحَدُهُمَا صَرِيحٌ وَالْآخَرُ كِنَايَةٌ فَالْكِنَايَةُ حَالَ ذِكْرِ الصَّرِيحِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ اتَّحَدَ) حَتَّى إذَا رَدَّتْ فِي الْيَوْمِ بَطَلَ أَصْلًا هِنْدِيَّةٌ وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ اخْتَارِي فِي الْيَوْمِ وَغَدٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ وَاخْتَارِي غَدًا) بِأَنْ قَالَ اخْتَارِي الْيَوْمَ وَاخْتَارِي غَدًا، فَهُمَا خِيَارَانِ بِقَرِينَةِ إعَادَةِ ذِكْرِ الِاخْتِيَارِ ط وَسَيَأْتِي مَا يَتَّحِدُ وَمَا يَتَعَدَّدُ فِي الْبَابِ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَالَ اخْتَارِي فِي الْيَوْمِ إلَخْ) لِمَا ذَكَرَهُ مُعَرَّفًا انْصَرَفَ إلَى الْمَعْهُودِ وَهُوَ الْحَاضِرُ وَلَمْ يُمْكِنْ تَخْيِيرُهَا فِي الْمَاضِي مِنْهُ فَكَانَتْ مُخَيَّرَةً إلَى انْقِضَائِهِ، وَذَلِكَ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ فِي الْيَوْمِ وَبِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِي الشَّهْرِ وَبِتَمَامِ ذِي الْحِجَّةِ فِي السَّنَةِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ، وَأَمَّا لَوْ نَكَّرَهُ انْصَرَفَ إلَى كَامِلِهِ وَكَانَ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ حِينِ التَّخْيِيرِ فَيَنْتَهِي بِمِثْلِهِ مِنْ الْغَدِ، فَيَدْخُلُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ اللَّيْلِ ضَرُورَةً مَعَ أَنَّ اللَّيْلَ لَا يَتْبَعُ الْيَوْمَ الْمُفْرَدَ، وَكَأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ رَحْمَتِيٌّ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْجَوْهَرَةِ.

وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي عَنْ الذَّخِيرَةِ: لَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً فَلَهَا الْأَمْرُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>