للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْإِمَامُ) وَكَذَا الْمُنْفَرِدُ (فِي الصَّحْرَاءِ) وَنَحْوِهَا (سُتْرَةً بِقَدْرِ ذِرَاعٍ) طُولًا (وَغِلَظِ أُصْبُعٍ) لِتَبْدُوَ لِلنَّاظِرِ (بِقُرْبِهِ) دُونَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ (عَلَى) حِذَاءٍ (أَحَدِ حَاجِبَيْهِ) مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَالْأَيْمَنُ أَفْضَلُ (وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ وَلَا الْخَطُّ) وَقِيلَ يَكْفِي فَيَخُطُّ طُولًا، وَقِيلَ كَالْمِحْرَابِ (وَيَدْفَعُهُ) هُوَ رُخْصَةٌ، فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ بَدَائِعُ.

قَالَ الْبَاقَانِيُّ: فَلَوْ ضَرَبَهُ فَمَاتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، خِلَافًا لَنَا عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كُتُبِنَا (بِتَسْبِيحٍ)

ــ

[رد المحتار]

«رَأَيْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَادِيَةٍ لَنَا يُصَلِّي فِي صَحْرَاءَ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ» "

وَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ " أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُنْفَرِدُ) أَمَّا الْمُقْتَدِي فَسُتْرَةُ الْإِمَامِ تَكْفِيه كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ يَخَافُ فِيهِ الْمُرُورَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْحِلْيَةِ: إنَّمَا قَيَّدَ بِالصَّحْرَاءِ لِأَنَّهَا الْمَحَلُّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْمُرُورُ غَالِبًا، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ تَرْكِ السُّتْرَةِ فِيمَا يُخَافُ فِيهِ الْمُرُورُ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ. اهـ. (قَوْلُهُ بِقَدْرِ ذِرَاعٍ) بَيَانٌ لِأَقَلِّهَا ط. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ ذِرَاعُ الْيَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ شِبْرَانِ (قَوْلُهُ وَغِلَظِ أُصْبُعٍ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، لَكِنْ جَعَلَ فِي الْبَدَائِعِ بَيَانَ الْغِلَظِ قَوْلًا ضَعِيفًا، وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْعَرْضِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ بَحْرٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَجْزِي مِنْ السُّتْرَةِ قَدْرُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ وَلَوْ بِدِقَّةِ شَعْرَةٍ» " وَمُؤَخِّرَةِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ: الْعُودُ الَّذِي فِي آخِرِ رَحْلِ الْبَعِيرِ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ.

(قَوْلُ بِقُرْبِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَغْرِزُ أَوْ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِسُتْرَةٍ أَوْ حَالٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ دُونَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) الْأَوْلَى أَنْ يُبَدِّلَ دُونَ بِقَدْرٍ، لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْحِلْيَةِ: السُّنَّةُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ ح. بَقِيَ هَلْ هَذَا شَرْطٌ لِتَحْصِيلِ سُنَّةِ الصَّلَاةِ إلَى السُّتْرَةِ، حَتَّى لَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ تَكُونُ صَلَاتُهُ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ أَمْ هُوَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، لَمْ أَرَهُ (قَوْلُهُ وَالْأَيْمَنُ أَفْضَلُ) صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ) أَيْ وَضْعُ السُّتْرَةِ عَلَى الْأَرْضِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ غَرْزُهَا، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَنَسَبُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ قَاضِي خَانَ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمَقْصُودَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَا الْخَطُّ) أَيْ الْخَطِّ فِي الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَتَّخِذُهُ سُتْرَةٌ، وَهَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْنُونٍ، وَمَشَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ إذْ لَا يَظْهَرُ مِنْ بَعِيدٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَكْفِي) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْوَضْعِ وَالْخَطِّ: أَيْ يَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ، فَيُسَنُّ الْوَضْعُ كَمَا نَقَلَهُ الْقُدُورِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، ثُمَّ قِيلَ يَضَعُهُ طُولًا لَا عَرْضًا لِيَكُونَ عَلَى مِثَالِ الْغَرْزِ. وَيُسَنُّ الْخَطُّ كَمَا هُوَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا» وَهُوَ ضَعِيفٌ، لَكِنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِل. وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَالسُّنَّةُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مَعَ أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي الْجُمْلَةِ إذْ الْمَقْصُودُ جَمْعُ الْخَاطِرِ بِرَبْطِ الْخَيَالِ بِهِ كَيْ لَا يَنْتَشِرَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَقَدْ يُعَارَضُ تَضْعِيفُهُ بِتَصْحِيحِ أَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِمَا لَهُ (قَوْلُهُ فَيَخُطُّ طُولًا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَقَالَ أَبُو دَاوُد قَالُوا: الْخَطُّ بِالطُّولِ، وَقَالُوا بِالْعَرْضِ مِثْلُ الْهِلَالِ اهـ وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْأَوَّلَ الْمُخْتَارُ لِيَصِيرَ شِبْهَ ظِلِّ السُّتْرَةِ بَحْرٌ. [تَنْبِيهٌ]

لَمْ يَذْكُرُوا مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سُتْرَةٌ وَمَعَهُ ثَوْبٌ أَوْ كِتَابٌ مَثَلًا هَلْ يَكْفِي وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ؟ وَالظَّاهِرُ نَعَمْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ ابْنِ الْهُمَامِ الْمَارِّ آنِفًا؛ وَكَذَا لَوْ بَسَطَ ثَوْبَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ؛ ثُمَّ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ عِنْدَ إمْكَانِ الْغَرْزِ لَا يَكْفِي الْوَضْعُ، وَعِنْدَ إمْكَانِ الْوَضْعِ لَا يَكْفِي الْخَطُّ (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُهُ) أَيْ إذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ سُتْرَةٌ، أَوْ كَانَتْ وَمَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَمَا فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ، وَمُفَادُهُ إثْمُ الْمَارِّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُتْرَةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِذَا دَفَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ لَا بَأْسَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ فَلَوْ ضَرَبَهُ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إلَّا بِذَلِكَ، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّةَ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الدَّافِعَ تَحَرِّي الْأَسْهَلِ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَنَا إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>