للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِحَدِيثِ الْبَزَّارِ «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْوِزْرِ لَوَقَفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا» (فِي ذَلِكَ) الْمُرُورِ لَوْ بِلَا حَائِلٍ وَلَوْ سِتَارَةً تَرْتَفِعُ إذَا سَجَدَ وَتَعُودُ إذَا قَامَ وَلَوْ كَانَ فُرْجَةً فَلِلدَّاخِلِ أَنْ يَمُرَّ عَلَى رَقَبَةِ مَنْ لَمْ يَسُدَّهَا لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حُرْمَةَ نَفْسِهِ فَتَنَبَّهْ

(وَيَغْرِزُ) نَدْبًا بَدَائِعُ

ــ

[رد المحتار]

وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ» وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّائِفِينَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ، فَصَارَ كَمَنْ بَيْنَ يَدَيْهِ صُفُوفٌ مِنْ الْمُصَلِّينَ انْتَهَى، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ الْعَمِيقِ، وَحَكَاهُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ عَنْ مُشْكِلَاتِ الْآثَارِ لِلطَّحَاوِيِّ، وَنَقَلَهُ الْمُنْلَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ، وَنَقَلَهُ سِنَانُ أَفَنَدَى أَيْضًا. فِي مَنْسَكِهِ اهـ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَأْيِيدُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ الْبَزَّارِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» . قَالَ أَبُو النَّضْرِ أَحَدُ رُوَاتِهِ لَا أَدْرَى قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً قَالَ وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَقَالَ «أَرْبَعِينَ خَرِيفًا» وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ «مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ» اهـ

وَالْخَرِيفُ: السَّنَةُ؛ سُمِّيَتْ بِهِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْفُصُولِ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) لَفْظُ فِي هُنَا لِلسَّبَبِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ سِتَارَةً تَرْتَفِعُ) أَيْ تَزُولُ بِحَرَكَةِ رَأْسِهِ إذَا سَجَدَ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ ذَكَرَهَا سَعْدِيٌّ جَلَبِي جَوَابًا عَنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ اخْتَارَ أَنَّ الْحَدَّ مَوْضِعُ السُّجُودِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، فَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَعَ الْحَائِلِ كَجِدَارٍ أَوْ أُسْطُوَانَةٍ لَا يُكْرَهُ وَالْحَائِلُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ. فَأَجَابَ سَعْدِيٌّ جَلَبِي بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سِتَارَةً مُعَلَّقَةً إذَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ يُحَرِّكُهَا رَأْسُ الْمُصَلِّي وَيُزِيلُهَا مِنْ مَوْضِعِ سُجُودِهِ ثُمَّ تَعُودُ إذَا قَامَ أَوْ قَعَدَ. اهـ. وَصُورَتُهُ أَنْ تَكُونَ السِّتَارَةُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِ مُعَلَّقَةً فِي سَقْفٍ مَثَلًا ثُمَّ يُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهَا فَإِذَا سَجَدَ تَقَعُ عَلَى ظَهْرِهِ وَيَكُونُ سُجُودُهُ خَارِجًا عَنْهَا وَإِذَا قَامَ أَوْ قَعَدَ سَبَلَتْ عَلَى الْأَرْضِ وَسُتْرَتُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ فُرْجَةٌ إلَخْ) كَانَ تَامَّةٌ وَفُرْجَةٌ فَاعِلُهَا. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: قَامَ فِي آخِرِ الصَّفِّ فِي الْمَسْجِدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصُّفُوفِ مَوَاضِعُ خَالِيَةٌ فَلِلدَّاخِلِ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَصِلَ الصُّفُوفَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حُرْمَةَ نَفْسِهِ فَلَا يَأْثَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ فِي الْفِرْدَوْسِ بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ نَظَرَ إلَى فُرْجَةٍ فِي صَفٍّ فَلْيَسُدَّهَا بِنَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَمَرَّ مَارٌّ فَلْيَتَخَطَّ. عَلَى رَقَبَتِهِ فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ» أَيْ فَلْيَتَخَطَّ الْمَارُّ عَلَى رَقَبَةِ مَنْ لَمْ يَسُدَّ الْفُرْجَةَ. اهـ.

قُلْت: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّخَطِّي الْوَطْءُ عَلَى رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى قَتْلِهِ وَلَا يَجُوزُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَخْطُوَ مِنْ فَوْقِ رَقَبَتِهِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَمُرَّ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ بِالْأَوْلَى فَافْهَمْ. ثُمَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَثِمَ الْمَارُّ، وَقَدْ عَلِمْت التَّفْصِيلَ الْمَارَّ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ دَاخِلِ الْكَعْبَةِ وَخَلْفَ الْمَقَامِ وَحَاشِيَةِ الْمَطَافِ. [تَتِمَّةٌ]

فِي غَرِيبِ الرِّوَايَةِ: النَّهْرُ الْكَبِيرُ لَيْسَ بِسُتْرَةٍ وَكَذَا الْحَوْضُ الْكَبِيرُ وَالْبِئْرُ سُتْرَةٌ أَرَادَ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ يَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَمُرُّ وَيَأْخُذُهُ، وَلَوْ مَرَّ اثْنَانِ يَقُومُ أَحَدُهُمَا أَمَامَهُ وَيَمُرُّ الْآخَرُ وَيَفْعَلُ الْآخَرُ هَكَذَا يَمُرَّانِ، وَإِنْ مَعَهُ دَابَّةٌ فَمَرَّ رَاكِبًا أَثِمَ، وَإِنْ نَزَلَ وَتَسَتَّرَ بِالدَّابَّةِ وَمَرَّ لَمْ يَأْثَمْ، وَلَوْ مَرَّ رَجُلَانِ مُتَحَاذِيَيْنِ فَاَلَّذِي يَلِي الْمُصَلِّي هُوَ الْآثِمُ قُنْيَةٌ.

أَقُولُ: وَإِذَا كَانَ مَعَهُ عَصَا لَا تَقِفُ عَلَى الْأَرْضِ بِنَفْسِهَا فَأَمْسَكَهَا بِيَدِهِ وَمَرَّ مِنْ خَلْفِهَا هَلْ يَكْفِي ذَلِكَ؟ لَمْ أَرَهُ

(قَوْلُهُ نَدْبًا) لِحَدِيثِ " «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ، وَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا، وَصَرَّحَ فِي الْمُنْيَةِ بِكَرَاهَةِ تَرْكِهَا، وَهِيَ تَنْزِيهِيَّةٌ. وَالصَّارِفُ لِلْأَمْرِ عَنْ حَقِيقَتِهِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ الْفَضْلِ وَالْعَبَّاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>