للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيُسَنُّ فِي الْكَفَنِ لَهُ إزَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَةٌ وَتُكْرَهُ الْعِمَامَةُ) لِلْمَيِّتِ (فِي الْأَصَحِّ) مُجْتَبَى وَاسْتَحْسَنَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ لِلْعُلَمَاءِ وَالْأَشْرَافِ وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَيُحَسَّنُ الْكَفَنُ لِحَدِيثِ «حَسِّنُوا أَكْفَانَ الْمَوْتَى فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَتَفَاخَرُونَ بِحُسْنِ أَكْفَانِهِمْ» ظَهِيرِيَّةٌ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَلَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيِّ، فَإِنَّ الْحَيَّ لَوْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ لَا يُعِيدُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ نَقْلًا عَنْ السُّرُوجِيِّ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُوَافِقَةٌ لِلْأُصُولِ اهـ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِتَرْجِيحِهَا لِمَا قُلْنَا.

[خَاتِمَةٌ] يُنْدَبُ الْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُغَسِّلَهُ جُنُبٌ أَوْ حَائِضٌ إمْدَادٌ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ أَقْرَبَ النَّاسِ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ الْغُسْلَ فَأَهْلُ الْأَمَانَةِ وَالْوَرَعِ وَيَنْبَغِي لِلْغَاسِلِ وَلِمَنْ حَضَرَ إذَا رَأَى مَا يُحِبُّ الْمَيِّتُ سَتْرَهُ أَنْ يَسْتُرَهُ وَلَا يُحَدِّثَ بِهِ لِأَنَّهُ غِيبَةٌ وَكَذَا إذَا كَانَ عَيْبًا حَادِثًا بِالْمَوْتِ كَسَوَادِ وَجْهٍ وَنَحْوِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِبِدْعَةٍ فَلَا بَأْسَ بِذِكْرِهِ تَحْذِيرًا مِنْ بِدْعَتِهِ، وَإِنْ رَأَى مِنْ أَمَارَاتِ الْخَيْرِ كَوَضَاءَةِ الْوَجْهِ وَالتَّبَسُّمِ وَنَحْوِهِ اُسْتُحِبَّ إظْهَارُهُ لِكَثْرَةِ التَّرَحُّمِ عَلَيْهِ وَالْحَثِّ عَلَى مِثْلِ عَمَلِهِ الْحَسَنِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ.

مَطْلَبٌ فِي الْكَفَنِ

(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ فِي الْكَفَنِ إلَخْ) أَصْلُ التَّكْفِينِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَكَوْنُهُ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ مَسْنُونٌ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ (قَوْلُهُ إزَارٌ إلَخْ) هُوَ مِنْ الْقَرْنِ إلَى الْقَدَمِ، وَالْقَمِيصُ مِنْ أَصْلِ الْعُنُقِ إلَى الْقَدَمَيْنِ بِلَا دِخْرِيصٍ وَكُمَّيْنِ، وَاللِّفَافَةُ تَزِيدُ عَلَى مَا فَوْقَ الْقَرَنِ وَالْقَدَمِ لِيُلَفَّ فِيهَا الْمَيِّتُ وَتُرْبَطَ مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ إمْدَادٌ. وَالدِّخْرِيصُ: الشِّقُّ الَّذِي يُفْعَلُ فِي قَمِيصِ الْحَيِّ لِيَتَّسِعَ لِلْمَشْيِ (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ الْعِمَامَةُ إلَخْ) هِيَ بِالْكَسْرِ مَا يُلَفُّ عَلَى الرَّأْسِ قَامُوسٌ قَالَ ط: وَهِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ عَلَى الْخَشَبَةِ مِنْ الْعِمَامَةِ وَالزِّينَةِ بِبَعْضِ حُلِيٍّ فَهُوَ مِنْ الْمَكْرُوهِ بِلَا خِلَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِيهِ كُلُّ مَا كَانَ لِلزِّينَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ أَحَدُ تَصْحِيحَيْنِ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَاسْتَحْسَنَ عَلَى الصَّحِيحِ الْعِمَامَةَ يُعَمَّمُ يَمِينًا وَيُذَنَّبُ وَيُلَفُّ ذَنَبُهُ عَلَى كُورَةٍ مِنْ قِبَلِ يَمِينِهِ، وَقِيلَ يُذَنَّبُ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ مِنْ الْأَشْرَافِ، وَقِيلَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ، وَقِيلَ لَا يُعَمَّمُ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تُكْرَهُ الْعِمَامَةُ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ) كَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ، وَنَقْلُهُ قَبْلَهُ عَنْ الْمُجْتَبَى الْكَرَاهَةُ لَكِنْ قَالَ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا إلَى عِصَامٍ: أَنَّهُ إلَى خَمْسَةٍ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَلَا بَأْسَ بِهِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَوُجِّهَ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنَهُ وَاقِدًا فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَثَلَاثِ لَفَائِفَ وَأَدَارَ الْعِمَامَةَ إلَى تَحْتِ حَنَكِهِ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. اهـ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِ الْكَرَاهَةِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَاسْتَثْنَى فِي رَوْضَةِ الزَّنْدَوَسْتِيِّ مَا إذَا وَصَّى بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْنِ فَإِنَّهُ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةٍ، وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كُفِّنَ كَفَنًا وَسَطًا اهـ.

قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ مُنْقَطِعٌ؛ إذْ لَوْ كُرِهَ لَمْ تُنَفَّذْ وَصِيَّتُهُ كَمَا لَمْ تُنَفَّذْ بِالْأَقَلِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَحْسُنُ الْكَفَنُ) بِأَنْ يُكَفَّنَ بِكَفَنِ مِثْلِهِ، وَهُوَ أَنْ يُنْظَرَ إلَى ثِيَابِهِ فِي حَيَاتِهِ لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ، وَفِي الْمَرْأَةِ مَا تَلْبَسُهُ لِزِيَارَةِ أَبَوَيْهَا كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ فَقَوْلُ الْحَدَّادِيِّ: وَتُكْرَهُ الْمُغَالَاةُ فِي الْكَفَنِ يَعْنِي زِيَادَةً عَلَى كَفَنِ الْمِثْلِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ إلَخْ) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا» وَجُمِعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَحْسِينِهِ بَيَاضُهُ وَنَظَافَتُهُ لَا كَوْنُهُ ثَمِينًا حِلْيَةٌ، وَهُوَ فِي مَعْنَى مَا مَرَّ عَنْ النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَيَتَفَاخَرُونَ) الْمُرَادُ بِهِ الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ حَيْثُ وَافَقَ السُّنَّةَ، وَالزِّيَارَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>