للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ فَإِنْ اسْتَوَوْا غُسِّلُوا وَاخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَمَحَلِّ دَفْنِهِمْ كَدَفْنِ ذِمِّيَّةٍ حُبْلَى مِنْ مُسْلِمٍ قَالُوا: وَالْأَحْوَطُ دَفْنُهَا عَلَى حِدَةٍ وَيُجْعَلُ ظَهْرُهَا إلَى الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ وَجْهَ الْوَلَدِ لِظَهْرِهَا.

مَاتَتْ بَيْنَ رِجَالٍ أَوْ هُوَ بَيْنَ نِسَاءٍ يَمَّمَهُ الْمَحْرَمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْأَجْنَبِيُّ بِخِرْقَةٍ وَيُيَمَّمُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ لَوْ مُرَاهِقًا وَإِلَّا فَكَغَيْرِهِ فَيُغَسِّلُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ. يُمِّمَ لِفَقْدِ مَاءٍ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدُوهُ غَسَّلُوهُ وَصَلَّوْا ثَانِيًا وَقِيلَ لَا

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: فِي زَمَانِنَا لُبْسُ السَّوَادِ لَمْ يَبْقَ عَلَامَةً لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِي الِاسْتِوَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: فَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَامَةٌ فَلَا إشْكَالَ فِي إجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَلَوْ الْمُسْلِمُونَ أَكْثَرَ صَلَّى عَلَيْهِمْ وَيَنْوِي بِالدُّعَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ الْكُفَّارُ أَكْثَرَ. فَفِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ لَكِنْ يُغَسَّلُونَ وَيُكَفَّنُونَ وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ اهـ قَالَ ط: وَكَيْفِيَّةُ الْعِلْمِ بِالْأَكْثَرِ أَنْ يُحْصِيَ عَدَدَ الْمُسْلِمِينَ وَيَعْلَمَ مَا ذَهَبَ مِنْهُمْ، وَيَعُدَّ الْمَوْتَى فَيَظْهَرَ الْحَالُ (قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ) فَقِيلَ لَا يُصَلِّي لِأَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ كَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ فَكَانَ أَوْلَى مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْكَافِرِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٤] وَقِيلَ يُصَلِّي وَيَقْصِدُ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ التَّعَيُّنِ لَا يَعْجِزُ عَنْ الْقَصْدِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.

قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا أَيْ حَالَةِ مَا إذَا كَانَ الْكُفَّارُ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ حَيْثُ قَصَدَ الْمُسْلِمِينَ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا عَلَى الْكُفَّارِ، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَيْضًا مَعَ أَنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْجَوَازِ فَيَنْبَغِي الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ كَمَا قَالَتْ بِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثُ وَهُوَ أَوْجَهُ قَضَاءً لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ بِلَا ارْتِكَابِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَمَحَلِّ دَفْنِهِمْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الصَّلَاةِ فَفِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ كَدَفْنِ ذِمِّيَّةٍ) جَعَلَ الْأَوَّلَ مُشَبَّهًا بِهَذَا لِأَنَّهُ لَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ الْإِمَامِ بَلْ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ قِيَاسًا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهَا الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِنَا تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْوَلَدِ، وَبَعْضُهُمْ: فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ الْوَلَدَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْهَا مَا دَامَ فِي بَطْنِهَا.

وَقَالَ وَائِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ: يُتَّخَذُ لَهَا مَقْبَرَةٌ عَلَى حِدَةٍ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ، وَهَذَا أَحْوَطُ وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ فِيمَا إذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ، وَإِلَّا دُفِنَتْ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ وَجْهَ الْوَلَدِ لِظَهْرِهَا) أَيْ وَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ فَيُوَجَّهُ إلَى الْقِبْلَةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ط (قَوْلُهُ يَمَّمَهُ الْمَحْرَمُ إلَخْ) أَيْ يَمَّمَ الْمَيِّتَ الْأَعَمَّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَكَذَا قَوْلُهُ فَالْأَجْنَبِيُّ أَيْ فَالشَّخْصُ الْأَجْنَبِيُّ الصَّادِقُ بِذَلِكَ، وَأَفَادَ أَنَّ الْمَحْرَمَ لَا يَحْتَاجُ إلَى خِرْقَةٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ مَسُّ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ أَمَةً لِأَنَّهَا كَالرَّجُلِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلٌ لَا مُسْلِمٌ وَلَا كَافِرٌ وَلَا صَبِيَّةٌ صَغِيرَةٌ فَلَوْ مَعَهُنَّ كَافِرٌ عَلَّمْنَهُ الْغُسْلَ لِأَنَّ نَظَرَ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ أَخَفُّ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ فِي الدِّينِ وَلَوْ مَعَهُنَّ صَبِيَّةٌ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ وَأَطَاقَتْ غُسْلَهُ عَلَّمْنَهَا غُسْلَهُ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَوْرَةِ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي حَقِّهَا وَكَذَا فِي الْمَرْأَةِ تَمُوتُ بَيْنَ رِجَالٍ مَعَهُمْ امْرَأَةٌ كَافِرَةٌ أَوْ صَبِيٌّ غَيْرُ مُشْتَهًى كَمَا بَسَطَهُ فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ لَوْ مُرَاهِقًا) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الصِّغَارِ وَالصَّغَائِرِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: الصَّغِيرُ وَالصَّغِيرَةُ إذَا لَمْ يَبْلُغَا حَدَّ الشَّهْوَةِ يُغَسِّلُهُمَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَقَدَّرَهُ فِي الْأَصْلِ بِأَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ. اهـ. (قَوْلُهُ يُمِّمَ لِفَقْدِ مَاءٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مَاءٌ فَيُمِّمَ الْمَيِّتُ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدُوهُ غَسَّلُوهُ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ ثَانِيًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَنْهُ يُغَسَّلُ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَفَّنُوهُ وَبَقِيَ مِنْهُ عُضْوٌ لَمْ يُغَسَّلْ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ ذَلِكَ الْعُضْوُ وَلَوْ بَقِيَ نَحْوُ الْأُصْبُعِ لَا يُغَسَّلُ اهـ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا) أَيْ يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا عَلِمْته.

<<  <  ج: ص:  >  >>