للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) لِذَا قَالَ (لَوْ وُجِدَ مَيِّتٌ فِي الْمَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ غُسْلِهِ ثَلَاثًا) لِأَنَّا أُمِرْنَا بِالْغُسْلِ فَيُحَرِّكُهُ فِي الْمَاءِ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ ثَلَاثًا فَتْحٌ وَتَعْلِيلُهُ يُفِيدُ أَنَّهُمْ لَوْ صَلَّوْا عَلَيْهِ بِلَا إعَادَةِ غُسْلِهِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ وُجُوبُهُ عَنْهُمْ فَتَدَبَّرْ. وَفِي الِاخْتِيَارِ الْأَصْلُ فِيهِ تَغْسِيلُ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَالُوا لِوَلَدِهِ هَذِهِ سُنَّةُ مَوْتَاكُمْ.

[فُرُوعٌ] لَوْ لَمْ يُدْرَ أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ، وَلَا عَلَامَةَ فَإِنْ فِي دَارِنَا غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَا. اخْتَلَطَ مَوْتَانَا بِكُفَّارٍ وَلَا عَلَامَةَ

ــ

[رد المحتار]

لِلضَّرُورَةِ كَمَا بُيِّنَ فِي مَحَلِّهِ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْجَوَازِ هُنَا، وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ طَاعَةٌ تَعَيَّنَ أَوْ لَا وَلَا يَخْتَصُّ عَدَمُ الْجَوَازِ بِالْوَاجِبِ، نَعَمْ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْوَاجِبِ غَيْرُ جَائِزٍ اتِّفَاقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الْإِجَارَاتِ، وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى غُسْلِ الْمَيِّتِ وَيَجُوزُ عَلَى الْحَمْلِ وَالدَّفْنِ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْغُسْلِ أَيْضًا اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِكَوْنِ النِّيَّةِ لَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّةِ الطَّهَارَةِ بَلْ شَرْطٌ لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ) أَيْ فِي تَحْصِيلِ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ، وَإِلَّا فَالشَّرْطُ مَرَّةً، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ بِلَا بُدَّ إلَى أَنَّهُ بِوُجُودِهِ فِي الْمَاءِ لَمْ يَسْقُطْ غُسْلُهُ الْمَسْنُونُ فَضْلًا عَنْ الشَّرْطِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتَعْلِيلُهُ) أَيْ تَعْلِيلُ الْفَتْحِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّا أُمِرْنَا إلَخْ أَيْ وَلَمْ يَقُلْ فِي التَّعْلِيلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْهُرْ ط. [تَنْبِيهٌ]

اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ الْكَلَامِ فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّجْنِيسِ: وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي غُسْلِهِ فِي الظَّاهِرِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: إذَا جَرَى الْمَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ، أَوْ أَصَابَهُ الْمَطَرُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِالْغُسْلِ، وَذَلِكَ لَيْسَ بِغُسْلٍ وَفِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُحَرِّكَهُ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ، وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَاءَ مُزِيلٌ بِطَبْعِهِ وَكَمَا لَا تَجِبُ النِّيَّةُ فِي غُسْلِ الْحَيِّ فَكَذَا الْمَيِّتُ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: مَيِّتٌ غَسَّلَهُ أَهْلُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْغُسْلِ أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ اهـ.

وَصَرَّحَ فِي التَّجْرِيدِ والإسبيجابي وَالْمِفْتَاحِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهَا أَيْضًا وَوَفَّقَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِقَوْلِهِ: الظَّاهِرُ اشْتِرَاطُهَا فِيهِ لِإِسْقَاطِ وُجُوبِهِ عَنْ الْمُكَلَّفِ لَا لِتَحْصِيلِ طَهَارَتِهِ هُوَ وَشَرْطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. اهـ.

وَبَحَثَ فِيهِ شَارِحُ الْمُنْيَةِ بِأَنَّ مَا مَرَّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يُفِيدُ أَنَّ الْفَرْضَ فِعْلُ الْغُسْلِ مِنَّا، حَتَّى لَوْ غَسَّلَهُ لِتَعْلِيمِ الْغَيْرِ كَفَى وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ النِّيَّةِ لِإِسْقَاطِ الْوُجُوبِ بِحَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ بِتَرْكِهَا. وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ مَا وَجَبَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ لَا إيجَادُهُ كَالسَّعْيِ وَالطَّهَارَةِ نَعَمْ لَا يَنَالُ ثَوَابَ الْعِبَادَةِ بِدُونِهَا اهـ وَأَقَرَّهُ الْبَاقَانِيُّ وَأَيَّدَهُ بِمَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ وُجِدَ الْمَيِّتُ فِي الْمَاءِ لَا بُدَّ مِنْ غُسْلِهِ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَتَوَجَّهُ إلَى بَنِي آدَمَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ فِعْلٌ. اهـ.

فَتَلَخَّصَ: أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إسْقَاطِ الْفَرْضِ مِنْ الْفِعْلِ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَشَرْطُ التَّحْصِيلِ الثَّوَابُ؛ وَلِذَا صَحَّ تَغْسِيلُ الذِّمِّيَّةِ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ مَعَ أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطُهَا الْإِسْلَامُ فَيَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا بِفِعْلِنَا بِدُونِ نِيَّةٍ، وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِ الْخَانِيَّةِ أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ. بَقِيَ قَوْلُ الْمُحِيطِ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَتَوَجَّهُ إلَى بَنِي آدَمَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْمِلْكِ. وَيَرِدُ عَلَيْهِ قِصَّةُ حَنْظَلَةَ غَسِيلِ الْمَلَائِكَةِ. وَقَدْ قَالَ: إنَّ فِعْلَهُمْ ذَلِكَ كَانَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ تَأَمَّلْ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ الشَّهِيدِ. هَذَا وَقَدْ صَرَّحَ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ إذَا غَسَّلَ الْمَيِّتَ جَازَ اهـ وَمِثْلُهُ مَا سَنَذْكُرُهُ عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَيْنِ رِجَالٍ وَمَعَهُمْ صَبِيٌّ غَيْرُ مُشْتَهٍ عَلَّمُوهُ الْغُسْلَ لِيُغَسِّلَهَا وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْبُلُوغَ غَيْرُ شَرْطٍ (قَوْلُهُ وَفِي الِاخْتِيَارِ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهُ شَرِيعَةٌ قَدِيمَةٌ، وَأَنَّهُ يَسْقُطُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَاسِلُ مُكَلَّفًا؛ وَلِذَا لَمْ يُعِدْ أَوْلَادُ أَبِينَا آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - غُسْلَهُ ط

(قَوْلُهُ فَإِنْ فِي دَارِنَا إلَخْ) أَفَادَ بِذِكْرِ التَّفْصِيلِ فِي الْمَكَانِ بَعْدَ انْتِفَاءِ الْعَلَامَةِ أَنَّ الْعَلَامَةَ مُقَدَّمَةٌ وَعِنْدَ فَقْدِهَا يُعْتَبَرُ الْمَكَانُ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ. وَفِيهَا أَنَّ عَلَامَةَ الْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةٌ الْخِتَانُ وَالْخِضَابُ وَلُبْسُ السَّوَادِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>