وَهَكَذَا يَتبَيَّنُ أَنَّ خِطبة الإِنْسَان الرَّجُلَ لابنته أَمْرٌ مَشْرُوعٌ، ومعروف فِيمَا سَبَقَ، وَفِي هَذِهِ الأُمَةِ.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: كَرَمُ هَذَا الرَّجُلِ، ووجهُه أَنَّهُ خَيَّرَ موسى بين البنتين، فقال: اخْتَرْ إحداهما، وَهَذَا مِنَ الْكَرَمِ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ فِي الْحَقِيقَةِ أوسعُ للإنسان، وأطيبُ لنفسه؛ حيث يَخْتَارُ مَا يَرَاهُ أنسبَ، لَكِنْ لَوْ قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ هَذِهِ البنت، فَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ لَا رغبةَ لَهُ فِيهَا، أَمَّا قَوْلُه: {إِحْدَى ابْنَتَيَّ} فالتخيير يَدُلُّ عَلَى الكرم، وأنه جَعَلَهُ فِي سَعَةٍ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: جَوَازُ الْعَقْدِ عَلَى المبهمة؛ إيجابًا لا قَبُولًا؛ لأنَّه مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقُولُ: زَوَّجْتُك إِحْدَى ابْنَتَيَّ. فيقول الزوجُ: قَبِلْتُ نِكاح فلانة. وَهَذِهِ المَسْأَلةُ لها أربع صُوَر:
الْأُولَى: إِمَّا أَنْ يَحْصُلَ التعيين بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، فيقول: زَوَّجْتُك ابنتي عائشة. فيقول: قَبِلْتُ. هذا تَعْيِينٌ فِي الْإِيجَابِ، وفي القَبول، فالإيجاب: الْوَلِيُّ قَالَ: زوَّجتُك ابنتي عائشة. فَعَيَّنها، والزوج قال: قَبِلْتُ زواجَ هَذِهِ المَرْأَةِ.
الثَّانية: وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الإبهام فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، فَلَا يَصِحُّ -مثلًا- أَنْ يَقُولَ: زَوَّجْتُكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ. فيقول: قَبِلْتُ نكاح إحداهما. فهنا لَا يَجُوزُ، وَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ؛ لأَنَّنا لَا نَدْرِي أَيَّتَهُما التي انعقد نكاحها.
الثالثة: وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ التَّعْيِينُ فِي الْإِيجَابِ دُون القَبُول، فيقول -مثلًا-: زَوَّجْتُك ابنتي عائشة. فيقول الزوج: قَبِلْتُ نكاحَ إحدى بناتك. وَهَذَا لَا يَجُوزُ.
الرابعة: أَنْ يَقُولَ: زَوَّجْتُك إحدى بناتي. فيقول: قَبِلْتُ نكاح فلانة. يُسَمِّيها،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute