للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حفيظٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ؛ لقوله: {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: جَوَازُ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ لغرض، أي جَوَازُ تَعْلِيقِ الشَّيْء العامِّ بأمرٍ خاصٍّ بغرض، ويُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: {عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}؛ فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي تخصيصَ وَكالة اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بما قالاه فقط، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ، إنما خُصِّص هذا لِغَرَضِ العِناية به.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: جَواز إشهاد اللَّهِ عَلَى الْعَقْدِ لقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}، ولكن شَرْعًا لَا يُقْتَصَرُ عَلَى ذَلِكَ، فأنت تَشهد للَّه، لَا لغرضٍ آخَرَ، لكن باطنًا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ اللَّهِ يُكتفى به، ويستفيد الرَّجُلُ إِذَا أَشهَدَ اللَّهَ، أَوْ جعله الوكيلَ الحفيظَ المُراقِبَ، أَنْ يُذَكِّرَ بانتقام اللَّهِ مِنْهُ إِذَا خَالَفَ، أو خانَ.

فمَن أَشْهَدَ اللَّهَ، ثُمَّ خانَ، فَقَدِ استخفَّ به، وَهِيَ كَذَلِكَ فِي حَقِّ المخلوقين، ففي بالُك أَنْ تَكُونَ فِي حَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ !

واللَّه فِي كُلِّ حَالٍ شَاهَدٌ، سواء قُلنا، أَمْ لَمْ نَقُلْ، لكن استشهاده أَمْرٌ عَظِيمٌ، والتزام الإِنْسَان بمقتضى هَذِهِ الشَّهَادَةِ يكون أعظمَ، فَيَكُونُ فِيهِ توكيد للعَقد، إِذَا قُلْنَا: اللَّه شاهدٌ علينا أرأيتَ مَا عِنْدَنَا أحدٌ، لَكِنِ الآنَ نُريد نحن وأنت أن نُشهِد اللَّهَ أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الشاهد، إذا وافَقَ هَذَا يَكُونُ أَبْلَغَ فِي التَّأْكِيدِ؛ لأن مخالفته عُرضة للعقوبة، ولهذا قَلَّ مَنْ يَحْلِفُ بِاللَّهِ كَاذِبًا إلا أُصِيبَ فِي الدُّنْيَا قَبل الآخرة، وَفِي الْآخِرَةِ إصابتُه واضحة، وَهُوَ أَنَّهُ يَلْقَى اللَّهَ، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، لكن الغالب أنه تُعجَّل له الْعُقُوبَةُ فِي الدُّنْيَا، والقِصَصُ فِي هَذَا كَثِيرٌ.

فقد حدثني إنسان أَنَّه كان بَيْنهُ وَبَيْن شخصٍ خُصومة فِي الْخَارِجِ، فتخاصموا

<<  <   >  >>