للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنه اصطحب معه خادمًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ أيضًا: إنه وُلدَ لَهُ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سُلِّمت لَهُ مِنْ أَوَّلِ الْعَقْدِ، وبقيت معه ثماني، أو عَشْرَ سِنِينَ، فولَدتْ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الخطاب {امْكُثُوا} مطابقًا للواقع؛ لأن معه زوجةً وخادمًا وولدًا، وهؤُلاءِ جماعة، وَهَذَا لَيْسَ ببعيد؛ إذ إنه جَرَتِ الْعَادَةُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا سَافَرَ، لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ، أن يصطحب مَعَهُ مَنْ يخدمه.

قوله تعالى: {لَعَلِّي آتِيكُمْ}: (لَعَلَّ) هنا للترجِّي؛ لأنَّه يَتَمَنَّى أَنْ يَحْصُلَ لَهُ هَذَا الْأَمْرُ، {آتِيكُمْ} بمعنى: أجيئكم، وَلَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ اسم فاعل؛ لأنَّه هنا يُرِيدُ الْفِعْلَ، وَلَا يُرِيدُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ متصفٌ بالإتيان، والدَّليل أَنَّك لَوْ حوَّلتها إلى معناها تقول: لعلي أجيئكم، فـ (أجيئكم) واضح أنها فِعل مضارع، فليست هُنَا اسْمَ فاعل.

قوله: {مِنْهَا} أي: مِنْ هَذِهِ النار، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّارَ نَفْسَهَا لَا تُعْطِي خبرًا، وَلَكِنَّ المُرَادَ مِنْ عِنْدِهَا؛ لِأَنَّ النَّارَ عَادَةَ لَا تشتعل إلا وعِندها أُناس.

وقوله: {بِخَبَرٍ} يَقُولُ فِيهِ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [عَنِ الطَّرِيقِ، وَكَانَ قَدْ أَخْطَأَهُ]، وهذا ممكن، وَقَدْ يَكُونُ أَعَمَّ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا، فيكون عَنِ الطَّرِيقِ، وعما بَقِىَ مِنَ المسافة، وعن كُلِّ شَيْءٍ، وكلمة (خَبَر) نَكِرَة تُفيد العُموم.

وقوله تعالى: {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} يقول المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [بِتَثْلِيثِ الجِيمِ]، أي بِفَتْحِ، أَوْ ضَمِّ، أَوْ كَسْرِ الجِيم، فَإِذَا قِيلَ: بالتثليث، أي بالحركات الثلاث، وَإِذَا قِيلَ بالمُثَلَّثَة أي بالثاء.

قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَعْنَى الجَذْوة: [قِطْعَةٌ وَشُعْلَةٌ مِنَ النَّارِ]، أَيْ إِنَّ الجَذْوَةَ عُودٌ فِي طَرَفِهِ نارٌ مشتعلة.

<<  <   >  >>