للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {بِأَهْلِهِ} يقول المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [زَوْجَتُهُ بِإِذْنِ أَبِيهَا نَحْوَ مِصْرَ]، أَمَّا قَوْله: [زَوْجَتُهُ] فهذا صحيح؛ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تُسمى أهلًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: [بِإِذْنِ أَبِيهَا] فَهَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْتَاجُ الزَّوْجُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ بزوجته إِلَى إِذْنِ أبيها؛ لِأَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَ المرأة صارت مِلكًا له، يسير بها حَيْثُ شَاءَ، اللهُمَّ إِلَّا إِذَا سار بِهَا إِلَى أَمْرٍ لَا يَجُوزُ شَرْعًا، فلها أَنْ تَمْتَنِعَ، ولأبيها أَيْضًا أَنْ يَمنعها، وإلا فالحقُّ له؛ إِذْ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَلا يُسَافِرَ بِهَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ، وَلَكِنْ لَوْ أَذِنتْ وأبَى أبوها، وقد شَرَطَ عليه، فلها الْحَقُّ أَنْ تسافر، لأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا شخصيًّا، وقد تَرَى أَنَّ مِنَ الأفضل لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَ زَوْجِهَا.

قوله تعالى: {آنَسَ} أي: أبصَرَ مِن بَعيد، وأَصْلُ {آنَسَ} مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْأُنْسِ، وهو زوال الوَحْشَة، ولكنها تَأْتِي بِمَعْنَى الإبصار بالشَّيْء؛ لِأَنَّك إِذَا أبصرتَ الشَّيْء وعرفتَه زال عَنْك مَا تخشاه.

قوله تعالى: {مِنْ جَانِبِ الطُّور} بالضَّم: اسمُ جَبَل، وجانِبُ الشَّيْء: جِهَتُه، أي: مِنْ جِهَةِ الطُّور.

قوله تعالى: {نَارًا} هَذِهِ النار ليست نارًا حقيقيةً، ولكنها نُور، وتُشبه النار، لمَّا أَبْصَرَ هَذِهِ النارَ، وكان الزَّمَنُ زمَنَ شتاء، والظاهِرُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ اللَّيْلَةَ كانت مُغَيَّمةً، وأن مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عنده نَوْعٌ مِنَ الاشتباه فِي الطَّرِيقِ، كما تَدُلُّ عَلَيْهِ الْقِصَّةُ، آنسَ نارًا.

قوله تعالى: {قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا} أي: هنا، قَالَ ذَلِكَ لأهله، وقد قَرَّرَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَبْلَ قليل أَنَّ المُرَادَ بأهله الزَّوجة، وهنا قال {امْكُثُوا} وَهُوَ خِطَابٌ لجماعة، لأن خطاب الواحدة يكون: امكُثِي، وللخروج مِنْ هَذَا الْإِشْكَالِ قَالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ:

<<  <   >  >>