وهذا ما غاظَ فِرْعَونَ وهامانَ وجُنودَهما، وهذِهِ آيةٌ عظيمة، فظُهور بَنِي إِسْرَائِيلَ على آل فِرْعَوْنَ في ذلك المجمع العظيم كان له أكبرُ الأثر، فَقَدْ وعَدَهُم موسى عَلَيْهِ السَّلَامُ بأن يَتَحَدَّاهُم يومَ الزِّينة:{مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ}[طه: ٥٩]، و {يَوْمُ الزِّينَةِ} هو يوم العيد، يتزين النَّاس فيه، {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}[طه: ٥٩]، يُجمَعون في رابعة النهار.
ولقد تحقق ذلك بالفعل، وسَمِعَت العربُ بما حَدَث في غزوة بَدر، ولكن انقلب الأمرُ عليهم، فما غَنَّتِ لهمُ القِيانُ، ولكن غَنَّت عليهم! فقد ظهر عَوَارُهم وجَبَرُوتُهم، حتَّى أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلام والمسلمين بعددهم.
نعود لِقصَّة موسى مع فِرْعَونَ، قَالَ تعالى:{وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ}[الشعراء: ٥٦]، نعم، لقد حصل ما كان يَحْذَرُ فِرْعَونُ وآلُه؛ وجعل اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أئمة.
ومن المُفيد أن نذكُر أنَّ الجَعْل له مَعانٍ متعددةٌ، وكلُّ معانيه تعود إلى التصيير فِي الحَقيقة، لكن التصيير هو تصيير المعدوم موجودًا.