للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تتوقعين، وَلِهَذَا قَالَ: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}.

قَوْله تعالى: {إِنَّا رَادُّوهُ} هنا جاءت الجُملة اسميَّةً، وليس فِعلِيَّة، كَأَنْ يَقُولَ مثلًا: نردُّه. والجملة الاسمية تَدُلُّ عَلَى الثُّبوت والاستقرار.

وقوله: {إِنَّا} بضميرِ الجَمع للتعظيم، فاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ بصيغة التعظيم.

وَقَوْلُهُ: {رَادُّوهُ إِلَيْكِ} أي: مُرْجِعُوه، ولا يُبَيِّنُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى المُدَّةَ الَّتِي ستفقدُه أُمُّه فيها، ولكن الظَّاهر أَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَعِيدَة، كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْقِصَّةِ.

وَقَوْلُهُ تعالى: {وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} هَذِهِ بِشارةٌ فوقَ البِشَارَة الأُولى، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ هَذَا المولود {مِنَ الْمُرْسَلِينَ}، أي: ممن أرسلهم اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وأفضلهم بالرِّسالَة.

وهَذِهِ الآيَةُ فِيهَا أَمْرَانِ، ونَهْيَان، وبِشَارَتَان.

أمَّا الأمران: فقولُه تعالى: {أَرْضِعِيهِ} وقوله: {فَأَلْقِيهِ}.

وَأَمَّا النَّهْيَانِ: فقوله تعالى: {وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي}.

وأما البِشَارَتَان: فقوله تعالى: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}.

ثُمَّ قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [فَأَرْضَعَتْهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَا يَبْكِي، وَخَافَتْ عَلَيْهِ، فَوَضَعَتْهُ فِي تَابُوتٍ مَطْلِيٍّ بِالقَارِ مِنْ دَاخِلٍ مُمهَّدٍ، وَأَغْلَقَتْهُ، وَأَلْقَتْهُ فِي بَحْرِ النِّيلِ لَيْلًا].

قوله: [أَرْضَعَتْهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ]. لَا نَجِدَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، ولكنها -لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ- امتثلت لِأَمْرِ اللَّهِ بإرضاعه، ولما خَافَتْ عَلَيْهِ ألقته.

<<  <   >  >>