وَعَلَى هَذَا، فنَحْمِلُ الآيَة عَلَى المَعْنيَيْنِ:{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} بالنِّسبة لمِا يَقَعُ منهم في عِبَادَة اللَّه، {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} بالنِّسبة لمَا يَقَعُ مِن غَيْرِهِم في المعَامَلَة.
قال الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- لما سأله الرَّجُل عن إنسان يأتي ليَأْخُذَ ماله قال:"فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ". قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ:"قَاتِلْهُ". قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ:"فَأَنْتَ شَهِيدٌ"، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ:"هُوَ فِي النَّارِ"(١).
فلذلك فإنَّ قَوْلَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ في تفسير قَولِه تعالى:{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ}: [مِنْهُمْ] مِنَ الصَّوابِ أَنْ نَجْعَلَهُ أَعَمَّ، أي: مِنهم في مُعَامَلَتِهم مع اللَّه، ومِن غَيرهم في مُعَامَلَتِهم مَعَ الخَلق.
(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق، كان القاصد مهدر الدم في حقه، وإن قتل كان في النار، وأن من قتل دون ماله فهو شهيد، رقم (١٤٠).