للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لغير الزَّائِدة، والزَّائِدة هِيَ الَّتِي تَقَعُ فِي الْغَالِبِ بَعْدَ فِعْلِ الإرادة، مِثْلَ قَوْلِهِ تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَّيِنَ لَكُمْ} [النساء: ٢٦]، وقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزاب: ٣٣]، فَإِنَّ اللَّامَ هنا زائدة؛ لِأَنَّك لَوْ حذفتَها وقَدَّرْتَ (أَنْ) {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ} إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُذهب، تَمَّ الكلام.

واللام غير الزَّائِدة تكون للتَّعلِيل، مِثل قولك: حَضَرْتُ لأتَعَلَّم، أي: مِنْ أَجْلِ أَنْ أتعلَّم، وتكون لتأكيد النفي، مِثْلَ قَوْلِهِ تعالى: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: ١٣٧]، ولهذا يُسَمِّيها النحويون لامَ الجُحُود، يعني: النفي، فهي لتأكيد النفي.

والثالثة تكون للعاقبة، مِثْل هَذِهِ الآيةِ {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}، وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَ (كان) مضارعًا كانت، أَوْ فِعْلًا ماضيًا.

وَقَوْلُهُ: [{لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا} يَقتُل رِجَالهمْ، {وَحَزَنًا} يَسْتَعْبِدُ نِسَاءَهُمْ]، هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، بل الظَّاهِرُ أَنَّهُ {عَدُوًّا}؛ لمِا يَحْصُلُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الأضرار البالغة لآل فِرْعَون، {وَحَزَنًا} لأنَّهُ سوف يُحزنهم حين يَظْهَرُ لَهُ مِنَ الانتصار العظيم، وأَبْلَغُها حين انتصر يومَ الزينة؛ فإنه انتصر عليهم انتصارًا بالغًا باهرًا، وحصل لهم بِهَذَا مِنَ الحُزن مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّ مُوسَى -صلى اللَّه عليه وسلم- قَتل رجال آلِ فِرْعَوْنَ، وَلَا أَنَّهُ استعبد نساءهم، وإنَّما المَعْرُوفُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أغرقهم بفعله، [وَفِي قِرَاءَةٍ بِضَمِّ الحَاءِ وَسُكُونِ الزَّاي لُغَتَانِ فِي المَصْدَرِ، وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ حَزَنَهُ كَأَحْزَنَهُ]، إِذَا قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فيه قراءة. فهو يعني: سَبْعِيَّة، وَإِذَا قَالَ قُرِئَ، فهو يعني قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ.

قال: [بِضَمِّ الحَاءِ وَسُكُونِ الزَّاي] "لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُّوًا وحُزْنًا"، حُزْنًا وحَزنًا

<<  <   >  >>