للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ، فالميمُ زائدة، ويكون وَزْنُه الصرفيُّ فَعْمَلًا؛ لأن الميمَ زائدة، وقيل: إنَّ الميمَ أصليَّة، وإنها مِن: سَرْمَد إِذَا اسْتَمَرَّ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ وَزْنُهُ الصرفي: فعللًا؛ لأن الميم أصلية.

والسَّرمد معناه: الدائم المستمر إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أي: لَوْ كَانَ اللَّيْلُ سرمدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلَا أحد يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْتِيَ بنهار، بَلْ لَا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقَدِّمَ النَّهَارَ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَلَا أَنْ يُؤَخِّرَه بَعْدَ وقته، فالشمسُ الآن تخرج فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ دقيقة، فلو اجتمع العالَمُ كُلُّهُ عَلَى أَنْ تَخْرُجَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ إلَّا دقيقة، لمَا استطاعوا، أَوْ عَلَى أَنْ تتأخر إلى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ودقيقة ما استطاعوا أيضًا، أَوْ عَلَى أَنْ يُزَحْزِحُوها قليلًا عن مكانها، ما استطاعوا.

إذن: الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرها -لا زمانًا، ولا مكانًا- لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَجْلِبَها، ويأتيَ بنهار أبدًا.

قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} بِزَعْمِكُمْ، {يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ} نَهَارٍ تَطْلُبُونَ فِيهِ المَعِيشَةَ].

قَوْلُه تعالى: {مَنْ} مبتدأ، {إِلَهٌ} خبرُه، {غَيْرُ اللَّهِ} صِفَتُه، و {يَأْتِيكُمْ} حَالٌ مِنْ {إِلَهٌ}، أي: أَيُّ إله يأتيكم بضياء؟ يقول المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [عَلَى زَعْمِكُمْ]، هَذَا لَا يَفْطِنُ لَهُ إِلَّا إنسانٌ يفهم اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ؛ لأن {مَنْ} يُسْتفهم بِهَا عَنِ التَّعْيِينِ، فتَقبَل التعدُّد؛ لأن التعيين إنما يُطلب عند التعدُّد، فإذا تعددت الأشياء طُلِب التعيِين، فَإذَا قُلْتُ: مَنْ قَامَ؟ فأنا الآن أثبِتُ بهذا الاستفهام أن عَدَدًا مِنَ النَّاسِ قَدْ قَامَ، ولكني أستفهم عن تَعْيِين هذا القائمِ، فَإِذَا قُلْنَا {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} فهل معناه: أَنَّ هُنَاكَ آلهةً، والمطلوب التعيين، فعَيِّنوا لي الْإِلَهَ الَّذِي يأتيكم؟

<<  <   >  >>