للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجواب: أن هَذَا لَيْسَ حقيقيًّا، وَلِهَذَا قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [بِزَعْمِكُمْ]، يعني: إِذَا كُنْتُمْ تزعمون أَنَّ هُنَاكَ آلهة فمَن الْإِلَهُ الَّذِي يأتيكم بضياء؟ وَيَكُونُ هَذَا أَبْلَغَ فِي التحدي، لَوْ قَالَ: هل إلهٌ غَيْرُ اللَّهِ؟ صار هنا الاستفهامُ عَنْ وُجُودِ إله، لَا عَنْ تعيينه، لكن الاستفهام عن تعيينه أَبْلَغُ فِي التحدي، أي: حتى على زعمكم أَنَّ هَذِهِ آلهة؛ فإننا نتحدَّاكُم: أين الْإِلَهُ الَّذِي يَأْتِي بِهَذَا الشَّيْء؟ إذا قُلتم: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا أَحَدٌ مِنَ الآلِهَةِ يَفْعَلُ هَذَا، تبَيَّنَ أَنَّ أُلُوهِيَّتَها باطلة؛ لأن الإله لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا، سميعًا، بصيرًا، إِلَى آخِرِ الصفات الكاملة.

قَوْلُه تعالى: {يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ} الباء هنا للتعدِيَة، يعني: يجلب إليكم الضياء، وقال: {بِضِيَاءٍ}؛ لأنه علامةُ النهار، بَلْ إِنَّهُ هُوَ النَّهَارُ في الواقع؛ إما علامته، أَوْ هُوَ النَّهَارُ.

قَوْلُه تعالى: {أَفَلَا تَسْمَعُونَ} قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [ذَلِكَ سَمَاعُ تَفَهُّمٍ، فَتَرْجِعُونَ عَنِ الإِشْرَاكِ].

قوله تعالى: {أَفَلَا تَسْمَعُونَ} يعني: أَصُمَّتْ آذانُكم، فلا تسمعون؟ والمراد بالاستفهام هنا سمعُ التَّفَهُّم الذي يَرْتَدِع بِهِ المَرْءُ عن غَيِّه، أما المجرد -يعني سمع الإدراك- فَهُوَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ سمع.

هنا قد يَقُولُ قَائِلٌ: لماذا لَمْ يَقُلْ: أَفَلَا تُبْصِرُونَ؛ لأنَّ الإبصار فِي النَّهَارِ أظهرُ؛ بَلْ قَالَ: {أَفَلَا تَسْمَعُونَ}؟

نقول: لأنه تَبْيِينٌ لقوله: {عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا} والليل مَحَلُّ سَمْعٍ، وَلِهَذَا قَالَ: {أَفَلَا تَسْمَعُونَ}، وليس تبيينًا عَلَى آخَرِ الآيَةِ {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ}،

<<  <   >  >>