للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عبودية خاصَّة: وهي الخضوع للأمر الشرعي، مِثْل قَوْلِهِ تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣]، وهذه خاصة بالمؤمنين.

فالعُبودية المرادة فِي الآيَةِ هِيَ العُبودية العامَّة؛ لأن بَسْطَ الرزق وتَضْيِيقَه يكون للمؤمن، ولِغَيْرِ المؤمن.

وَفي قَوْلِه: {مِنْ عِبَادِهِ} دَليلٌ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْخَلْقِ فِي قَبْضَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونه.

وعليه؛ فإننا إِذَا كُنَّا باللَّه، ومع اللَّه، فلا نهابُ أَيَّ قُوَّةٍ فِي الْعَالَمِ، لأَنَّنا نعلم أَنَّ كُلَّ مَا فِي الكون خاضِعٌ للَّهِ تعالى.

وقوله: {وَيَقْدِرُ} يُضيِّق عَلَى مَنْ يَشَاءُ، أي: يَجْعَلُهُ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّن، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: ٧]، فهنا {وَيَقْدِرُ} بمعنى: ضُيِّقَ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ عَلَى قَدْرِ كفايته، أَوْ عَلَى أَقَلَّ أيضًا، فَاللَّهُ تعالى لَهُ الحُكْمُ فِي بَسْطِ الرزق وتَضْيِيقِه.

فَمِنَ النَّاسِ مَنْ أفسَدَهُ الغِنى، مِثل قارون، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفْسِده الفقر، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج: ١١]، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ إِذَا افْتَقَرَ بَعْد الغِنى أَبَى أَنْ يَتَحَمَّلَ مَا نَزَلَ بِهِ، فيكفُر باللَّه، وَمِنْهُمْ مَنْ ينتحر.

قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [(وَيْ) اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى أَعْجَبُ، أَيْ: أَنَا، وَ (الْكَافُ) بِمَعْنَى (اللَّامِ)].

إذن: هُوَ اسْمُ فعلٍ مُضارع، بمعنى: أَعْجَبُ.

<<  <   >  >>