للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المرفوض، وَهِيَ كَلِمَةٌ مَنْ أَجْمَعَ الكلمات.

وقوله: {الْكَافِرُونَ} أي: الكافرين باللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَكُلُّ مَا أُطْلِقَ الكفرُ فَالمُرَادُ بِهِ الْكُفْرُ بِاللَّهِ، أَمَّا إِذَا قُيِّد فهو بِحَسَبِ مَا قُيِّد به، فَقَوْلُهُ تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ} [البقرة: ٢٥٦]، هنا قَيَّد الكفرَ بالطاغوت، لَكِنْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَكُونُ الكُفر باللَّه، فَكُلُّ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ بأيِّ نَوْعٍ مِن أَنْوَاعِ الْكُفْرِ، سَوَاءٌ كَانَ كُفْرَ تكذيب، أَوْ كُفْرَ استِكْبار؛ فَإِنَّهُ لَا يُفْلِحُ.

إِذَا قَالَ قَائِلٌ: أَلا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْكُفْرِ مِنَ النَّعِيمِ، والتَّرَف فِي الدُّنْيَا؟

نقول: لَا يُشْكِلُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفلحوا، حتى وإِنْ نُعِّموا فِي الدُّنْيَا، فلا يُفيدهم النعيم، وهُم إذا ماتوا انتقلوا إِلَى الْجَحِيمِ، فهذا النَّعِيمُ فِي الْحَقِيقَةِ يكون وبالًا عليهم؛ لأنه يتحول بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى عَذَابٍ.

ولهذا إذا عُذِّب أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ ينتحر، ويتخلص مِن التزامه إلى راحةٍ.

عَلَى كُلِّ حَالٍ: هُوَ لَا يَفرح، بل يزداد شقاءً، لكن المقصود أَنَّهُ إِذَا انتقل مِنْ هَذَا النعيم إِلَى عَذَابِ الجحيم، صَارَ هَذَا أشدَّ وأَنْكَى، وأعظمَ عليه، وأبلغَ حَسْرةً، فَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يفلحوا.

وهُم ما استفادوا مِن وقتهم فِي الدُّنْيَا شيئًا، بل خَسِرُوه، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [العصر: ١ - ٣].

قَوْلُه تعالى: {لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا} قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [بِالْبِنَاءِ

<<  <   >  >>