فهل هَذَا الْكَلَامُ لَهوٌ لَا فَائِدةَ منه؟
الجواب: لا، ليس لهوًا لَا فَائِدةَ منه، بَلْ فِيهِ فَائِدَةٌ، وهو تذكير الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذه الحُجَّة والمستَند، وَهُوَ أَنَّهَا أُنْزِلَت مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَإِذَا كَانَ يَذْكُرُ هذا المستند، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ يَصُدَّك عنه، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومًا أَنَّ الصَّدَّ عَنِ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِوُجُودِهِ لكنه لِأَجْلِ أَنْ يُذَكِّر الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بحال الإنزالِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ أَثْبَتَ لَهُ.
وقوله: {بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ} قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [أَيْ: لَا تَرْجعْ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ]، وَهَذَا التَّفْسِيرُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لأن صَدّهم للرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَمَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِ لَا يستلزم أَنْ يَرْجِعَ إليهم، فقد يَرْضَوْن مِنْهُ أَنْ يَخْرُجَ مِن دِينه، وَإِنْ لَمْ يُوافِقْهم عَلَى دِينِهِمْ؛ لأن أعداء المسلمين يقولون: نَحْنُ لَا نُرِيدُ أَنْ يَكُونَ المسلمون نصارى، أو يهودًا، بل نُرِيدُ أَنْ يَخْرُجُوا مِن دِينهم فقط.
وقَوْلُه تعالى: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ} الدُّعاء: الطَّلب، يعني: اطلُب من النَّاسِ أَنْ يَدْخُلُوا فِي دِينِ اللَّهِ، وادعُ الناس.
وقد أفاد المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ المفعول محذوفٌ، فقال: [{وَادْعُ} النَّاسَ، {إِلَى رَبِّكَ}؛ لِتَوْحِيد وَعِبَادَتِهِ]، هَذَا التَّفْسِيرُ للدُّعاء، وأَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ والعبادة، والتوحيدُ له أنواعٌ ثلاثة، وهي:
توحيد الأُلُوهِيَّة، وتوحيد الرُّبوبية، وتوحيد الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، فَيَكُونُ المُرَادُ: ادْعُ إِلَى كُلِّ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ، بالإضافة إلى دعوتهم إلى العبادة.
وَهَذَا هُوَ المهم، أَنْ تَكُونَ دعوةُ الْإِنْسَانِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا إِلَى أَيِّ قَصْدٍ آخَرَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute