للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: فِي قَوْلِهِ تعالى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} دَليلٌ عَلَى إِثْبَاتِ الأَسْباب، وَذَلِكَ لِأَنَّ (الفاء) هنا سببية، يعني: فبِسَبب ظُلم نفسي، فإني أسألك أن تَغْفِرَ لِي.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: فِي قَوْلِهِ تعالى: {فَغَفَرَ لَهُ} استجابة اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذه الاستجابة مِنْ صِفَاتٍ؛ لأن الاستجابة تتضمن السمع والعِلم والقُدرة والغِنى، فإذا استجاب اللَّهُ لإنسان فمَعْنَاهُ أنَّهُ كَانَ قَدْ سَمِعَهُ، وعَلِمَ بحاله، وقَدَرَ عَلَى إِعْطَائِهِ سُؤْلَهُ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إثباتُ كَرَمِ اللَّهِ؛ لقوله تعالى: {فَغَفَرَ لَهُ}.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: جَوازُ التوسُّل إلى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بحالِ الدَّاعي، ويُؤخَذ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي}، فالظَّالِم لنفسه مُحْتَاجٌ إِلَى مَن ينصحُه، فهو توسَّلَ إلى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بحال الدَّاعي، وَمنْهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ مُوسَى: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: ٢٤].

والتوسُّل إلى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يكون بحالِ الدَّاعي، ويكون بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وكذلك بأفعاله، التي يُنعم بها، وَقَدِ اجْتَمَعَ الْجَمِيعُ فِي تَعْلِيمِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِأَبِي بَكْرٍ عندما قَالَ لَهُ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي؟ قال: "قل: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أنتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (١).

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: إثبات أَنَّ الدُّعَاءَ سببٌ، خِلَافًا لمَنْ أَنكَرَ سببيته.


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، رقم (٨٣٤)، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، رقم (٢٧٠٥).

<<  <   >  >>