اتصالًا به ومعرفةً، فلَوْ قَالَ: أتقتلون موسى؟ لقالوا: هَذَا الرَّجُلُ يعرف موسى. ولَأَخَذُوه، وَلَكِنَّهُ قَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا}، كَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ، ولكن يَعْرِفُ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الدعوة الصحيحة السليمة.
أما هنا فَإِنَّ الرَّجُلَ يعرف موسى؛ وَلِهَذَا {قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ}، وأكَّد له الخبر بقوله {إِنَّ الْمَلَأَ}، مَعَ أَنَّ مُوسَى كَانَ خاليَ الذهن مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُهِمُّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَبَقَ أَنَّ الْأَسْبَابَ الَّتِي تَقْتَضِي تأكيد الجملة الخبرية لَيْسَتْ هِيَ حَالَ المخاطَب فقط، ولكن حال المُخْبَرِ عَنْهُ أَيْضًا، إِذَا كَانَ مُهمًّا فإنه يُؤكَّدُ.
قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: [{فَاخْرُجْ} مِنَ المَدِينَةِ، {إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} فِي الْأَمْرِ بِالْخُرُوجِ]. وَهُوَ لَهُ مِنَ الناصحين، لَيْسَ فِي الْأَمْرِ بِالْخُرُوجِ فقط، وَلَكِنْ فِي مَجِيئهِ إِلَيْهِ أَيْضًا، وإخباره بذلك.
وَأَمَّا الَّذِينَ يأتمرون بشأنه، فليس عَامَّةَ النَّاسِ، بَلْ هُمُ الملأ، والكُبراء الذين يُنَفِّذُون ما ائتمروا به؛ لِأنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ الذين يَتَشَاوَرُونَ فِي هَذَا، مَا كَانَتْ لَهُ أهمية.
* * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute