متظلّمًا منه في سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة، فسمعوا منه ببغداد "سقط الزِّند"، وعاد إلى المعرّة سنة أربعمائة.
وقد قصده الطَّلبة من النّواحي.
ويُقال عنه إنّه كان يحفظ ما يمر بسمعه.
وقد سمع الحديث بالمعرَّة عاليًا من يحيى بن مسعر التَّنوخيّ، عن أبي عروبة الحرّانيّ.
ولزِم منزله، وسمّى نَفْسَهُ "رهين المحبسين" للزومه منزله، وذهاب بصره.
وأخذ في التّصنيف، فكان يُملي تصانيفه على الطَّلبة، ومكثَ بضعًا وأربعين سنة لَا يأكل اللَّحم، ولا يرى إيلام الحيوان مُطلَقًا على شريعة الفلاسفة.
وقال الشِّعر وهو ابن إحدى عشرة سنة.
قال أبو الحسين عليّ بن يوسف القفطيّ١: قرأت على ظهر كتابٍ عتيق أنَّ صالح بن مرادس صاحب حلب خرج إلى المعرَّة وقد عصى عليه أهلُها، فنازلها، وشرع في حصارها ورماها بالمجانيق، فلمَّا أحس أهلها بالغَلَب سعوا إلى أبي العلاء بن سليمان وسألوه أن يخرج ويشفع فيهم.
فخرج ومعه قائدٌ يقوده، فأكرمه صالح واحترمه، ثمّ قال: ألك حاجة؟ قال: الأمير أطال اللَّه بقاءه كالسّيف القاطع؛ لانَ مسّهُ، وخشُنَ حدُّه، وكالنّهار الماتِع؛ قاظ وسطهُ، وطاب بَرْدُهُ. {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] .
فقال له صالح: قد وهبتها لك.
ثُمَّ قال لهُ: أنشِدْنا شيئًا من شعرك لنرويه.
فأنشده بديهًا أبياتًا فيه، فترحَّل صالح.
وذُكِر أن أبا العلاء كان له مغارة ينزل إليها ويأكُل فيها، ويقول: الأعمى عورة، والواجب استتاره في كلِّ أحواله. فنزل مرّةً وأكل دُبْسًا، فنقّط على صدره منه ولم
١ في إنباء الرواة "١/ ٥٣، ٥٤".