للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَمِعَ بنيسابور، وهراة، وسرخس، والشّام، والحجاز، والجبال.

وحدَّث بخُراسان، والهند، وجُرْجان، والشّام، والثُّغور، والقُدس، والحِجاز، ورُزِق العزَّ والجاه في الدّين والدُّنيا، وكان جمالًا للبلد، مقبولًا عند الموافق والمخالف، مجمَع على أنه عديم النّظير، وسيف السُّنَّة، وقامع أهل البدعة.

كان أبوه أبو نصر من كبار الواعظين بنَيْسابور، ففُتِكَ به لَأجل المذهب، وقُتِلَ وهذا الْإِمام صبيّ ابن تِسع سنين، فأُقْعِد مجالس الوعظ مقام أبيه، وحضر أئِمّةُ الوقت مجالسَه، وأخذ الْإِمام أبو الطّيب الصُّعْلُوكيُّ في تربيته وتهيئة شأنه، وكان يحضر مجالسه، والَأستاذ أبو إسحاق الْإِسْفَرَائِينيّ، والَأستاذ أبو بكر بن فُورَك، ويتعجّبون من كمال ذكائه وحُسن إيراده، حتّى صار إلى ما صار إليه، وكان مُشتغِلًا بكثرة العبادات والطّاعات، حتَّى كان يُضرَب بِه المَثَل.

وقال الحسين بن محمد الكتبيّ في تاريخه: توفّيّ أبو عثمان في المُحرَّم، وكان مولده سنة ثلاثٍ وسبعين وثلاثمائة، وأول مجلسٍ عقده للوعظ بعد قتل والده في سنة اثنتين وثمانين.

وفي معجم السَّفر للسِّلفيّ: سمعتُ الحسن بن أبي الحُر بن مَصَادَة بثغر سلماس يقول: قدِمَ أبو عثمان الصّابونيّ بعد حجِّه ومعه أخوه أبو يَعْلَى في أتباعٍ ودواب، فنزل على جدّي أَحْمَد بن يوسف بن عمر الهلاليّ، فقام بجميع مُؤَنِهِ، وكان يعقد المجلس كل يوم، وافتتن النّاس به، وكان أخوه فيه دعابة. وسمعتُ أبا عثمان وقت أن ودَّع النّاس يقول: يا أهل سَلَمَاس١، لي عندكم شهر أعِظُ، وأنا في تفسير آيةٍ وما يتعلّق بها، ولو بقيت عندكم تمام سنة، لما تَعَرضْتُ لغيرها والحمد لله.

قتل: هكذا كان واللَّه شيخنا ابن تَيْمية، بقي أزيد من سنةٍ يفسر في سورة نوح، وكان بحرًا لَا تُكَدِّرهُ الدِّلاء -رحمه الله.

قال عبد الغافر٢: حكى الثقات أن أبا عثمان كان يعِظ، فدُفِع إليه كتابُ ورد من بُخَارَى مشتَمِل على ذكر وباء عظيم وقع بها ليُدْعَى على رءوس الملَأ في كشف ذلك البلاء عنهم، ووصف في الكتاب أنّ رجلًا أعطى دراهم لخبّاز يشتري خبزًا،


١ سلمان: مدينة مشهورة بأذربيجان "معجم البلدان".
٢ في المنتخب من السياق "١٣٥".