للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابن بدران الحلْوانيّ، وأبي الغنائم محمد بن علي الزينبي، وأبي العز القلانسي، وغيرهم.

وتصدر للقراءات والنحو، وَأَمَّ بالمسجد المذكور سنة سبْعٍ وثمانين وأربعمائة إلى أن تُوُفّي.

وقرأ عَلَيْهِ خلْق وختم ما لا يُحصى. قاله أبو الفَرَج بْن الْجَوزيّ١، وقال: قرأتُ عَلَيْهِ القرآن والحديث، الكثير، ولم أسمع قارئًا قطّ أطيب صوتًا منه ولا أحسن أداء عَلَى كِبَر سِنّه. وكان لطيف الأخلاق، ظاهر الكياسة والظّرافة وحُسن المعاشرة للعوامّ والخاصّ.

قلت: وكان عارفًا باللّغة، إمامًا في النَّحْو والقراءات وعِلَلها، ومعرفة رجاله، وله شِعْر حَسَن.

قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ متواضعًا، متودّدًا، حَسَن القراءة في المحراب، خصوصًا في ليالي رمضان. وكان يحضر عنده النّاس لاستماع قراءته. وقد تخرَّج عَلَيْهِ جماعة كثيرة، وختموا عَلَيْهِ القرآن. وله تصانيف في القراءات. وخولف في بعضها، وشنّعوا عَلَيْهِ، وسمعتُ أنّه رجع عَنْ ذَلكَ، والله يغفر لنا وله. وكُتبت عَنْهُ، وعلقت عَنْهُ من شعره. ومنه:

ومن لم تؤدّبه اللّيالي وصَرْفها ... فما ذاك إلا غائب العقل والحُسن

يظنّ بأنّ الأمر جارٍ بحُكمه ... وليس له عِلم، أيُصبح أَوْ يُمسي٢

وله:

أيّها الزّائرون بعد وفاتي ... جَدَثًا ضمّني ولَحْدًا عميقا

سَتَروْني الذي رأيت من المو ... ت عيانًا وتسلكون الطريقا

وقال الحمد بْن صالح الجيليّ: سار ذِكره في الأغوار والأنجاد. ورأس أصحاب الإمام أحمد، وصار أوحد وقته، ونسيج وحده، ولم أسمع في جميع عمري مَن يقرأ


١ في المنتظم "١٠/ ١٢٢".
٢ ذيل طبقات الحنابلة "١/ ٢١٠، ٢١١".