للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٦- أحمد بْن نصر بْن مالك بْن الهيثم بْن عوف بْن وهْب١ أبو عبد الله الخُزَاعيّ المَرْوَزِيّ البغداديّ الشهيد. كان جدّه مالك بْن الهيثم أحد نُقباء بني العبّاس في ابتداء الدولة السّفّاحية. وهو من ذُرّية عمرو بْن لحي بْن قَمْعَة بْن خنْدَف، وإليه جماع خُزَاعة، ويُقال لَهم بنو كعب. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ عَمْرَو بن لحي يجر قصبه فِي النَّارِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ بَحَّرَ الْبَحِيرَةَ، وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ، وَغَيَّرَ دِينَ إِسْمَاعِيلَ" ٢.

وكان أحمد بن نصر شيخًا جليلًا، أمّارًا بالمعروف، قوّالًا بالحق، من أولاد الأمراء. سمع من: مالك، وحمّاد بْن زيد، وهُشَيْم، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة.

وروي اليسير عنه: أحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وابنه عبد اللَّه بْن الدَّورقيّ، ومعاوية بْن صالح الأشعريّ الحافظ، ومحمد بن يوسف الطّبّاع، وجماعة. وروى أبو داود في المسائل عنه.

وقال إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يترحّم عليه ويقول: ختم اللَّه له بالشهادة. قلتُ: فكتبت عنه؟ قال: نعم، كان عنده مصنّفات هُشَيم كلها، وعن مالك أحاديث كبار. ثُمَّ قال ابن معين: كان أحمد يقول: ما دخلَ عليه أحدٌ يَصْدُقُه، يعني الخليفة سواه.

ثُمَّ قال يَحْيَى بْن مَعِينٍ: ما كان يحدّث يقول: لست موضع ذلك.

وقال الصولي: وكان أحمد بْن نصر من أهل الحديث، وكان هو وسهل بْن سلامة حين كان المأمون بخُراسان بايَعَا النّاس على الأمر بالمعروف والنَّهْيِ عن الْمُنْكَر، إلى أن قَدِمَ المأمون بغداد، فَرَفَق بسهل حتّى لبس السَّواد، وأخذ الأرزاق، ولزِمَ أحمد بيته. ثُمَّ إنّ أَمْرَهُ تحرّك ببغداد في آخر أيّام الواثق، واجتمعَ إليه خلقُ يأمرونَ بالمعروف، إلى أن ملكوا بغداد. وتعدّى رجلان من أصحابه مُوسِرَيْن، فبذلا مالًا وعزما على الوثوب ببغداد في شعبان سنة إحدى وثلاثين، فنُمَّ الخبر إلى إسحاق بْن إبراهيم، فأخذ جماعة منهم، فيهم أحمد بْن نصر وصاحباهُ، فقيّدهما.

ووجد في منزل أحدهما أعلامًا. وضرب خادمًا لأحمد، فأقرَّ أنّ هؤلاء كانوا


١ انظر الجرح والتعديل "٢/ ٧٩"، والثقات لابن حبان "٨/ ١٤"، وتاريخ الطبري "٩/ ٣١٥"، وتاريخ بغداد للخطيب "٥/ ١٧٣".
٣ "حديث صحيح": أخرجه البخاري "٤٦٢٣"، ومسلم "٢٨٥٦"، وأحمد "٢/ ٢٧٥، ٣٦٦".