للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا كان لا يضر بها فلا يوجد ما يمنع -إن شاء الله تعالى- إذا كان من غير ضرر فلا يوجد ما يمنع -إن شاء الله تعالى- من أجل الحج أو من أجل الصيام، أو من أجل القيام مع الناس، لا يوجد ما يمنع إذا كان لا يضر بها والحكم معلق بخروج الدم، فإذا لم ينزل فصيامها صحيح وطوافها صحيح وصلاتها صحيحة، مع أنها لو تركت الأمر كما قدر الله -جل وعلا- على بنات آدم ونزل في وقته لكان أولى وأحوط.

يقول السائل: كثر الحديث حول حج النبي -صلى الله عليه وسلم- هل حج -عليه الصلاة والسلام- قارناً أو متمتعاً؟ وأي مناسك الحج أفضل؟

أما بالنسبة لحجه -عليه الصلاة والسلام- فقد جاء فيه أحاديث صحيحة، وأنه حج مفرداً، وجاء أيضاً ما يدل -وهو صحيح- أنه كان قارناً، وجاء ما يدل على أنه تمتع -عليه الصلاة والسلام- وكلها صحيحة، والشيخ الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى- يقول: "تعارضها تعارض بيِّن، ولا يستطيع عالم -مهما بلغ من العلم- أن يجمع بين ما تعارض منها؛ لأن معارضتها ظاهرة".

ونقول: لا يوجد حديثان صحيحان صريحان تعارضهما ظاهر، إلا إذا كان أحدهما ناسخ والثاني منسوخ، وإلا فلا بد من التوفيق بين هذه الأحاديث.

ومن أفضل ما يقال: بأن من قال إن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج مفرداً إما أن يقال أنه لبى مفرداً في أول الوقت إلى أن قيل له: "صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: حجة وعمرة" فقرن -عليه الصلاة والسلام-، فمن نظر إلى إحرامه في بادئ أمره قال: مفرداً، ومن نظر إلى نهاية أمره قال: قارناً، ومنهم من يقول: أن من قال أنه حج مفرداً نظر إلى صورة فعله -عليه الصلاة والسلام-؛ وصورة حج القارن لا تختلف عن صورة حج المفرد، فمن نظر إلى الصورة قال مفرداً، ومن نظر إلى الحقيقة، وأنه جمع بين النسكين وأهدى ومنعه هديه من أن يكون متمتعاً قال: إنه حج قارناً وهو الأرجح.

الأرجح أنه حج قارناً -عليه الصلاة والسلام-، ومن قال تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد نظر إلى المعنى الأعم في التمتع، المعنى الأعم في التمتع: وهو الجمع بين النسكين في سفرة واحدة، هذا تمتع؛ لأنه ترفه بترك أحد السفرين، فهذا تمتع يشمله المعنى العام للتمتع.