للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما حصل من بعض الرحالين، بل من مشاهيرهم وكبارهم وممن عني برحلاتهم ما ينقض كلمة التوحيد، من وقوفهم على المشاهد والمزارات ودعائهم الموتى وتوسلهم بالصالحين، وطلب الحاجات منهم، هذا كثير، مع الأسف أنه لو أردنا أن نذكر مثال لكل باب من أبواب التوحيد الذي صنفه الإمام المجدد -رحمه الله- من رحلة ابن بطوطة، أشهر الرحلات لوجدنا ما يشهد لكلامه -رحمه الله- وما ينقضه، فتجده يطلع الجبل أسبوع ليقف على قبر، ذكر له أنه قبر رجل صالح، ويعكف عنده، ويبدو منه من الشركيات ما الله به عليم، وهذا كثير في رحلته، وأيضاً هو موجود في الرحلات الأخرى، لكن هذه الرحلة على وجه الخصوص، لا بد من ذكر مثل هذه الأمور؛ لأنها منتشرة شائعة بين الناس وترجمت إلى جميع اللغات الحية، وعني بها وقررت في بعض الدول كمنهج دراسي، والحديث عنها يأتي قريباً إن شاء الله تعالى.

فوجب على كل قادر أن يحج البيت، فلبى المسلمون واستجابوا فلم يترك الحج إلا غير المستطيع ممن عذره الله -عز وجل- أو من تساهل في تعجيله فاخترمته المنية قبل ذلك، هذا بالنسبة لعموم المسلمين، وأما بالنسبة للعلماء فلم يذكر منهم ممن لم يحج إلا النزر اليسير.

ممن لم يحج كابن حزم -رحمه الله- ذكر ذلك ابن القيم عنه في زاد المعاد، ولعل سبب أوهامه في بعض مسائل الحج يرجع إلى هذا، كونه لم يحج، ولو حج لتغيرت بعض آرائه.

وذكر عن بعضهم أنه صنف في المناسك، فلما حج أحرق كتابه، وصنف كتاباً آخر، وكما جاء في الخبر: "ليس الخبر كالعيان، ليس الخبر كالمعاينة".

حج المسلمون امتثالاً لأمر ربهم رجالاً ونساءً علماءً وعامة، والذي يعنينا منهم العلماء الذين هم موضوع الدرس (رحلات العلماء في الحج).

والعلماء اختلفت طرائقهم أثناء حجهم، وكل له طريقته ومنهجه:

فمنهم من زاول في حجه العبادات الخاصة، واغتنم فضل الزمان والمكان فأكثر من النوافل ومن الأذكار والابتهال، وقراءة القرآن على الوجه المأمور به، واستغل هذا المكان بهذه العبادات الخاصة، ولا شك أن هذا خير كثير لمن وفق له.